طلبة ماستر اقتصاد عمومي وتسيير المؤسسة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بحث حول "دور التمويل الاسلامي في التنمية الاقتصادية

اذهب الى الأسفل

بحث حول "دور التمويل الاسلامي في التنمية الاقتصادية Empty بحث حول "دور التمويل الاسلامي في التنمية الاقتصادية

مُساهمة من طرف caesar souf الإثنين ديسمبر 21, 2015 9:39 am

مقدمة
المبحث الأول: الصيرفة الاسلامية والنظام التقدي الاسلامي
المطلب الأول: الصيرفة الإسلامية:
المطلب الثاني: ملامح  النظام النقدي الإسلامي
المطلب الثالث: السياسة النقدية الاسلامية
المبحث الثاني: التمويل الإسلامي
المطلب الأول المقصود بالتمويل الإسلامي وأدواته
المطلب الثاني: الجهاز المصرفي الاسلامي
المطلب الثالث: البنك الإسلامي، تعريفه، أهدافه، موارده المالية واستخداماته للموارد المالية المتاحة
المبحث الثالث : دور التمويل الاسلامي في التنمية الاقتصادية
المطلب الأول: مفهوم التنمية من منظور اسلامي:
المطلب الثاني: كيف تحقق المصارف الإسلامية التنمية
المطلب الثالث: دور المصارف الإسلامية في التنمية و مواجهة الأزمة المالية
الخاتمة
















مقدمة



لقد جاء المنهج الإسلامي للتنمية ليعيد كشرعة الأشياء في المجتمع الإنساني إلى طبيعتها، وليرد كمنهاج قضية التنمية إلى عمادها وهو "الإنسان"، ومن ثم تصدى هذا المنهج على عكس المناهج الوضعية لسؤال واضح ومحدد وهو: بمن تقوم عملية التنمية؟، وكانت إجابته واضحة ومحددة أيضًا وهي: بالإنسان، أي أن عملية التنمية لكي تتحقق على أرض الواقع لابد أن تبدأ من الأصل أو من القاعدة، أي من الإنسان وتنتهي في كل مرحلة من مراحلها المستمرة والمتصاعدة بالإنسان وللإنسان أي من أجل الإنسان، فهذا الأخير وفقًا لهذا المنهج الرباني، هو أهم وأسمى ما في الوجود، ومن ثم هو بحق الوسيلة الرئيسية لعملية التنمية ، وهذا ما جاء في القرآن الكريم ضمن الآية 61 من سورة هود، والتي سبق وأن ذكرناها.
ولكن، أي إنسان يقصده المنهج الإسلامي؟. الإنسان المقصود وفقًا لهذا المنهج هو بالتأكيد الإنسان "العادي"، إنسان كما خلقه الله بفطرته  قوة وضعفًا  وليس الإنسان الذي يتخيله الذهن الوضعي كمخلوق من مخلوقات الاقتصاد أي " الرجل الاقتصادي "، أو من مخلوقات المادة أي "الترس الاجتماعي"، فهو الإنسان الذي تربى على أخلاقيات الإسلام، وسلوكيات الاقتصاد الإسلامي والنظام الاقتصادي الإسلامي .
إن أية خطة ناجحة للتنمية يجب أن ترتكز على مدخل إنساني يسعى نحو الرشد، حيث تشير الآية الكريمة في قوله تعالى:» ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا« (الاسراء الآية 70).
وتعتبر مؤسسات التمويل غير الربوية ظاهرة جديدة أثارت اهتمام الباحثين لدراسة وتقصي كل ما يحيط بها من جوانب وأعماق وأبعاد.
فأصبح الاهتمام بها أمرا ضروريا للدور الذي تلعبه المؤسسات المالية المقدمة لهذا النوع من التمويل في النشاط الاقتصادي والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية حيث باتت تنافس مثيلاتها التي اعتمدت صيغ التمويل التقليدية.
وتتمثل مساهمة هذه المؤسسات في تمويل النشاط الاقتصادي للعملاء من خلال تقنيات مختلفة لتنمية قطاعات الاقتصاد من تجارة داخلية وخارجية وإسكان ومقاولات صناعية بأنواعها... الخ.
كما إن هذه المؤسسات تقوم بدراسة وتقييم المخاطر التي تتضمنها المشروعات التي تطلب التمويل بنفس الأساليب التي تقوم بها البنوك التقليدية سواء فيما يخص مخاطر العميل أو الدولة (سياسياً واقتصادياً) أو العملة، بل وتقوم بهذا التقييم بدرجة أعلى مما تقوم به البنوك التقليدية لمواجهة المخاطر الإضافية التي تتعرض لها نتيجة المشاركة في نتائج المشروع الذي تموله








المبحث الأول: الصيرفة الاسلامية والنظام التقدي الاسلامي

المطلب الأول: الصيرفة الإسلامية :
1. ميلاد الصيرفة الاسلامية:
النظام المصرفي الإسلامي هو آلية لتطبيق العمل المصرفي على أسس تتلاءم مع مبادئ الشريعة الإسلامية السمحاء، وبطريقة لا يتم التعامل فيها بنظام الفائدة أخذا أو عطاءا لأن ذلك يعتبر ربا محرما في الإسلام. و إذا كان النظام المصرفي التقليدي يعتمد على نظام القرض بفائدة و بالتالي فإن العلاقة التي تربط البنك بمودعيه وعملائه هي علاقة دائن و مدين، فإننا نجد بالمقابل أن النظام المصرفي الإسلامي يعتمد على نظام المشاركة في الربح و الخسارة وبالتالي فإن علاقة البنك بمودعيه هي علاقة شريك بشريكه.
تعتبر تجربة النظام المصرفي الإسلامي حديثة العهد نسبيا، حيث بدأت لأول مرة في ريف مصر سنة 1963  من طرف الدكتور أحمد النجار الذي أسس ما يسمى ببنوك الادخار المحلية للتعامل مع صغار الفلاحين بجمع مدخراتهم ثم تمويل مشاريعهم الفلاحية وفق أسس إسلامية، لكن الفكرة أجهضت سنة 1967 ، لتنتقل بعدها إلى دول الخليج حيث أنشئ أول بنك إسلامي بالشكل الحديث في جدة بالمملكة العربية السعودية سنة 1975 وهو البنك الإسلامي للتنمية حيث كانت ملكيته وتعامله أساسا مع الدول والحكومات خاصة منها الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، وفي نفس السنة أنشئ أول بنك إسلامي خاص يتعامل مع الأفراد و هو بنك دبي الإسلامي
وخلال الجدول الموالي سوف نعمد إلى عرض مقارنة موجزة بين البنك التقليدي والبنك الإسلامي على جميع المستويات.

الجدول يوضح  مقارنة بين المصرف التقليدي والمصرف الإسلامي
أوجه المقارنة البنك التقليدي البنك الإسلامي
الربح الفرق بين الفائدة المدينة والدائنة الربح ناتج الاستثمار لأموال المودعين
النشاط الأساسي يتلقى الودائع ويمنح القروض تساهم مباشرة في تمويل المشروعات والقيام بدور البنوك المتخصصة (زراعية، صناعية،عقارية) وتساهم في إقامة المشروعات طويلة الأجل.
الاتجار المباشر لا تستطيع القيام به (شراء وبيع السلع) تقوم بالاتجار المباشر في شراء وبيع السلع وفقا لصيغ البيع الإسلامية
الودائع تقبل الودائع وتتعهد بردها والفوائد عليها وفقا لأجل محدد تقبل الودائع الاستثمارية على أساس عقد المضاربة الشرعي ولا تلتزم بردها وتوزع الربح الناتج من التوظيف
الأسهم الممتازة يصدر أسهم ممتازة محددة الفائدة يصدر صكوك تساهم في الربح والخسارة
الاحتياطي العام يخصم من صافي الربح يخصم من صافي الربح الخاص بالمساهمين فقط
الضوابط قانونية شرعية قانونية
الآلية سعر الفائدة المشاركة في الربح والخسارة
النظرة إلى النقود سلعة وسيلة
الرقابة الشرعية لا توجد هيئة للرقابة الشرعية ضرورة وجود هيئة للرقابة الشرعية تصدر الفتاوى في المسائل الجديدة وتراقب التطبيق الشرعي.
صيغ توظيف الأموال قروض معظمها تجاري، يوجه بعضها للاستثمار في الأوراق المالية توظف وفقا لصيغ التمويل الإسلامية (بيوع-مشاركات-أجارات...)، تأسيس مشروعات
صندوق الزكاة لا يوجد نشاط للزكاة في البنك أحد الأنشطة التكافلية في البنك الإسلامي ويمول من زكاة رأس مال البنك بالإضافة إلى الهبات والتبرعات
الدراسات الائتمانية الاهتمام بتشخيص العمل والضمانات ورأس المال والقدرة الإيرادية الاهتمام بشكل أكبر حيث أن البنك يدخل مشاركا في المشروعات ويركز على مصادر السداد
الحلال والحرام ليس شرطا أساسيا للتوظيف لا تمول المصارف الإسلامية مشروعات الخمور والقمار ولحم الخنزير بصرف النظر عن درجة ربحيتها، أو أي نشاط حرام
الموارد البشرية التركيز على الكفاءات المحورية المهنية والسلوكية والأخلاقية المرتبطة بالعمل فقط التركيز على الكفاءات المحورية المهنية والسلوكية والأخلاقية.
الالتزام الأخلاقي والإيمان بالعمل المصرفي الإسلامي.
الرغبة في إعادة التعليم من منظور الشريعة الإسلامية
المصدر: د. سمير رمضان الشيخ- مقال بعنوان: ''المصرفية الإسلامية، الميلاد والنشأة والتطور (ورقة تشغيلية)- ص10.


2. المصرفية الإسلامية.. صناعة وليست سياسة  
تواجه المصرفية الإسلامية عدة تساؤلات كبيرة يطرحها عليها الواقع الاقتصادي العالمي والأزمة المالية العالمية، فقد أثبتت الأزمة نجاعة النظام المالي الإسلامي خاصة عندما تمكنت مؤسساته من تجاوز المخاطر الكبيرة التي وقعت فيها البنوك التقليدية وكان هذا العامل مصدر تقدير واحترام لها، ولكنه من ناحية أخرى وضعها في حرج من أمرها والسبب أن العالم بات يحملها مسئولية إنقاذه مما هو فيه وهذا لا يتوافر كثيرا في صناعة المال الإسلامية.
إن العبرة دائما بالمنجز والتطبيق والتنفيذ وليست بالشعارات وجميع المصادر البحثية تجمع على أن قطاع المصرفية الإسلامية قطاع يحتاج إلى كثير من العمل فثمة قصور في قضايا التمويل وثمة اختلافات بين أعضاء الهيئات الشرعية.
هناك افتقار للوائح والتنظيمات الخاصة بالمصرفية الإسلامية وبخاصة إجراءات التأسيس وقواعد الرقابة والتفتيش والتنسيق بين الإدارات والمصارف الإسلامية ومعرفة أوجه الفروق الرئيسية بين الإسلامية والتقليدية فثمة من لا يجد فروقات كبيرة بين الزيادة المدفوعة في البنوك التقليدية والتي تسمى بالفائدة والمرابحة وهي الزيادة التي تدفع للمصرف الإسلامي.
المصرفية الإسلامية لم توجد لتكون أداة أيديولوجية لمواجهة الغرب وإسقاط نظرياته الاقتصادية والسياسية وإنما وجدت لتنسجم التعاملات المالية مع الشريعة الإسلامية ولتحقيق العدالة بالمفهوم الإسلامي لكن أن تصبح البنوك الإسلامية إسلامية من الناحية النظرية وتقليدية من الناحية العملية فهذا بالطبع ما يجعل كثيرا من الناس لا يعترف بوجود عمل مصرفي إسلامي.
المصرفية الإسلامية تواجه مخاطر ضعف السيولة وأنها مرتبطة بأسعار النفط ارتفاعا وانخفاضا وهناك ما يتعلق بمنظومة إدارة السيولة وتراجع نوعيات الأصول والمطلوب حلول تمويلية جديدة وشفافية في التعامل وتعزيز قدرة إدارة المخاطر، إضافة إلى عوامل متعلقة بالجانب التقني في تعاملاتها وأدوات التحوّط خوفا من تقلبات الأسعار.
صحيح أن البنوك الإسلامية لم تتأثر كثيرا بالأزمة المالية لكنها تتأثر بها كبيئة محيطة، وأن عديدا من المنتجات الإسلامية تأثرت وبخاصة التمويل العقاري وهو القطاع الأكبر من حيث الخسارة حيث ستتراجع أرباح البنوك في هذا القطاع الذي تأثر بالأزمة العالمية.
أما المنافسة بين البنوك الإسلامية والتقليدية واضحة وعززتها الأزمة المالية العالمية والمطلوب البحث عن صيغ التكامل والاندماج أو المساهمة في إنشاء صناديق استثمارية مشتركة وإصدار السندات والأسهم بشكل مشترك وتعزيز آفاق التمويل التأجيري المشترك وتمويل المجمعات الصناعية والمشاريع الزراعية.
والبنوك والمصارف الإسلامية ينظر إليها على أنها بنوك ذات طابع اقتصادي لكنها بنوك ومصارف لها رسالتها وبالتالي يطرح تساؤلا كبيرا حول المسئولية الاجتماعية والثقافية لها. كيف يتم ذلك؟ هذا بالطبع سؤال مطروح على صناع القرار المالي من وزراء ومديري ومحافظي البنوك المركزية للإجابة عن كيف يمكن استغلال الفرصة لبناء قواعد حقيقية للعمل المصرفي الإسلامي وبما ينعكس إيجابا على دوله ومجتمعاته ويسهم في حل قضاياه، فالعمل الاقتصادي وإن كانت له رسالة هادفة إلا أنه عمل لا ينهض في بيئة الصراع والمنافسة غير الشريفة وبالتالي يجب ابتعاده عن الصراع السياسي أو الأيديولوجي.

المطلب الثاني: ملامح  النظام النقدي الإسلامي :
يقوم المصرف المركزي بأداء الوظائف التي يضطلع بها نظيره في النظام الوضعي، فهو يقف على قمة النظام المصرفي وهو المسؤول عن إصدار العملة، كما أنه يعمل على توجيه النشاط الاقتصادي لتحقيق أهداف المجتمع في إطار مبادئ الشريعة الإسلامية.
يخضع نظام إصدار النقود في النظام الاسلامي لنظام الاصدار الحر الذي يتبع تغير حجم الطلب على النقود ويتناسب وحجم نمو الانتاج الحقيقي، مع مراعاة تثبيت القيمة الفعلية للنقود لتحقيق سلامة الاقتصاد الاسلامي ونمو الثابت والمستديم وتأمين العدالة الاقتصادية والاجتماعية .
ويتمتع المصرف المركزي الاسلامي باستقلالية في اتخاذ القرارات المناسبة التي تحقق أهداف السياسة النقدية، وبالأخص المحافظة على استقرار الأسعار، ولذلك يكون له مصدر دخل مستقل لتمويل نفقاته العادية، حيث يمكنه ضمان ذلك من خلال :
- رسوم الخدمة التي يفرضها على الحكومة والمصارف التجارية مقابل الخدمات التي يؤديها؛
- استثمار جزء من الاحتياطات القانونية التي تحتفظ بها المصارف التجارية لديه بالإضافة إلى تحقيق الأرباح التي يحققها من المشاركات والمضاربات التي يكون طرفا فيها، سواء بمبادرة منه أو بطلب من المصارف التجارية التي تحتاج إلى السيولة.
يعرف النظام النقدي الاسلامي بأنه النظام الخالي من الفائدة المصرفية، وتسانده في ذلك مبادئ الشريعة الاسلامية كتقاسم المخاطرة، وحقوق الأفراد وواجباتهم، حقوق الملكية وحرمة العقود، ويغطي تكوين رأس المال وأسواق رأس المال، وكل أنواع الوساطة المالية .
وبالتالي فالنظام النقدي الاسلامي يعبر عن مجموعة القوانين والإجراءات المنظمة والمنضبطة بالقواعد الاسلامية أو المستمدة من النصوص الشرعية التي تصدر عن المؤسسات الحكومية الاسلامية والأسواق المالية الاسلامية لتتحكم بإصدار وضبط النقود المتداولة.
لقد تميز النظام النقدي الاسلامي بالخصائص الأتية:
أ- تحريم الربا: حيث ورد تحريم الربا في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ففي القرآن الكريم ورد تحريم ربا الدين، وفي السنة ورد تحريم ربا البيوع، وبذلك فإن اختلف نوع الربا فهو محرم بالإجماع، ودليل تحريمه قوله تعالى »الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدونّ(275) يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم(276) الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون(277) يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين(278) فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون(279) وإن كان ذو عسرة فنظرة إلا ميسرة وان تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون(280)« (البقرة الآيات 275 -280)
ويعود سبب تحريم القرآن الكريم للربا بجميع أنواعه للآثار الاقتصادية الذي يتركها، حيث أنه يؤدي إلى :
 انتشار الطبقية بسبب تمركز رؤوس الأموال بيد فئة قليلة من الناس، وحرمان الفئة الأخرى؛
 يساهم الربا في انتشار البطالة، فأصحاب الأموال يفضلون عدم الخوض في الاستثمار الحقيقي الذي يتميز بعنصر المخاطرة، مما ينقص من الطلب على العمل فتنتشر البطالة،
 محق الأموال، كما ذكرت الآية الكريمة السالفة الذكر، وقد سحل النظام النقدي فعليا خسائر معتبرة في أموال المستثمرين المتعاملين بسعر الفائدة (الربا) خسائر كبيرة وصلت في سنة 1987 إلى 01 تريليون دولار، وفي سنة 2000 وصلت إلى 04 تريليون دولار، سنة 2008 وصلت الخسائر إلى 05 تريلون دولار؛
 حرب الله، وهذا ما يحصل فعليا للنظام النقدي الرأسمالي القائم على الربا من أزمات اقتصادية ومالية، لم يجدوا لها الحل إلى يومنا هذا.
ب- تحريم الاكتناز: حرم الاسلام الاكتناز من خلال قوله تعالى »والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم « (التوبة الآية 34).
وجاء تحريم الاكتناز في الاقتصاد الاسلامي لما له من أضرار على الوظائف الحقيقية للنقود، حيث أن الركود الاقتصادي الناتج عن الاكتناز يؤدي إلى تغيير القيمة الحقيقية للنقود، مما يخل بوظيفتها كأداة للمدفوعات الآجلة، كما أن الاكتناز يؤدي إلى زيادة الطلب على النقود بسبب قلة عرضها وتسربها خارج عملية الانتاج الحقيقي، الامر الذي يؤدي إلى الاخلال بوظيفتها كوسيط للتبادل.
وعليه فتحريم الاكتناز يسهل على السلطة النقدية معرفة كميات النقود المتداولة في السوق، ويسهل عملية تقدير الاضافات اللازمة للمحافظة على استقرار مستوى الأسعار، ومن ثم الحفاظ على قيمة العملة.
ج- فرض الزكاة: لفريضة الزكاة تأثير كبير على النظام النقدي الإسلامي وذلك من خلال دفع الاموال المكتنزة إلى الاستثمار، الأمر الذي يزيد من التيار السلعي عن طريق العرض الكلي، وبالتالي زيادة سرعة تداول النقود، هذه الأخيرة التي لها تأثير كبير على النمو الاقتصادي .
د- نظام المشاركة كبديل لنظام الفائدة: بالنظر للآثار السلبية التي يتركها النظام الربوي، هذا الأخير الذي حرمه ديننا الاسلامي وأحل البيع والمعاملات المالية القائمة على العدل والتشارك في الأرباح، حيث يقوم النظام التشاركي على أساس الربح بدل سعر الفائدة، ويشمل مفهوم الربح في النظام الاسلامي الروح والمادة معا، فالعمل يقابله جزاءان، جزاء في الدنيا وجزاء في الآخرة، فإن كان العمل صالحا فجزاؤه في الجنة وإن كان غير صالح فجزاؤه في النار والعياذ بالله، أما النتيجة المادية للعمل فتكون ربحا أو خسارة وكل هذا ضمن الضوابط الشرعية .
حيث يقوم النشاط الاقتصادي في الاسلام على المشاركة بين رأس المال والعمل، أين يتحمل كل من صاحب المال والمنظم نتيجة النشاط القائم فقد تكون ربحا أم خسارة، مما يعني أنهما يتحملان مخاطر الاستثمار، ويعد الربح العائد على هذه المخاطر في ظل حالة من عدم التأكد.
ويعرف نظام المشاركة في الاسلام بمشاركة العمال، أين تجتمع مساهمة العمال في رأس المال إلى جانب عملهم وخبرتهم بينما تقتصر مساهمة الطرف الثاني على تمويل الجزء المتبقي من رأس المال على أساس المشاركة ، ويعد نظام المشاركة وسيلة مهمة لتجميع رؤوس الأموال اللازمة لتمويل المشاريع الاقتصادية على اختلاف صيغها، ويكون المصرف عادة هو الممول لهذه المشاريع أي كطرف مشارك في الاستثمار القائم مع المستثمرين ويتحمل معهم كل المخاطر والنتائج القائمة عنه، وقد تكون المشاركة لأجل قصير كتمويل عملية تجارية واحدة أو لسنة مالية واحدة، حيث تقتسم الأرباح أو الخسائر وفق النسب المتفق عليها في نهاية المشروع، كما قد تكون مدة المشاركة طويلة وهو أصل المشاركات من أجل تمويل وإنشاء المصانع والمشروعات المنتجة التي تساعد على تحقيق التنمية.

المطلب الثالث: السياسة النقدية الاسلامية
1. السياسة النقدية من منظور اسلامي:  
تشير كتابات العلماء المسلمين المتقدمين منهم والمتأخرين، بأن مفهوم السياسة النقدية وأهدافها وفق أحكام الشريعة الاسلامية لا تختلف كثيرا عن المفهوم التقليدي، حيث تقر تلك الكتابات أهمية النقود مع التركيز على دورها الأساسي في النشاط الاقتصادي الحقيقي وحياة المجتمعات.
وبالتالي لم يختلف الكتاب في تعريف السياسة النقدية في الإسلام، حيث يعرفها: "بأنها مجموعة من الاجراءات أو القرارات التي يتخذها البنك المركزي الاسلامي لتنظيم وضبط الاصدار النقدي بما يتناسب مع الهيكل الاستثماري والانتاجي والاستهلاكي للاقتصاد الوطني" .
كما تعرف السياسة النقدية في الاسلام بأنها مجموعة القواعد والقرارات والإجراءات والتدابير التي تتخذها السلطات الاقتصادية والنقدية بغرض التأثير والتحكم في حجم الكتلة النقدية، وبهدف تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع بما يتفق مع الأحكام والمبادئ الواردة في القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وإجماع علماء المسلمين، والملاحظ من التعريف الثاني إن صياغة السياسة النقدية في النظام الاقتصادي الإسلامي تقوم على مرتكزات أساسية يمكن إجمالها في الآتي :
• أن الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للسياسة النقدية في الإسلام تصاغ وتحدد وفقًا للقيم الروحية والعدالة الاقتصادية والاجتماعية القائمة على أساس التعاليم والأحكام الواردة في الشريعة الإسلامية؛
• إن عملية صياغة السياسة النقدية في الإسلام قائمة على تبني هيكل مالي ونقدي ومصرفي خال من أسعار الفائدة، بمعنى أنها قائمة على تحريم الربا الذي يقتضي حظر دفع وقبض سعر فائدة ثابت ومحدد سلفًا؛
• إن السياسة النقدية في الإسلام تسعى إلى ضمان تحقيق الاستقرار الاقتصادي والنقدي عن طريق التأثير، والتحكم في حجم الكتلة النقدية، وليس عن طريق التأثير على مستوى معدلات الفائدة المحرمة وفقًا لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية.
وعليه فإن عملية صياغة وإدارة السياسة النقدية في الإسلام تحكمها الخصائص والسمات الأساسية والأسس التي يقوم عليها النظام المالي والنقدي والمصرفي في الإسلام.
كما أن أهداف السياسة النقدية في الإسلام لا تختلف كثيرًا عن الأهداف المنشودة في أي سياسات اقتصادية أو نقدية في أي نظام آخر والمتمثلة في:
- ضمان استقرار الاقتصاد الكلي المتمثل في استقرار المستوى العام للأسعار مع ميزان مدفوعات خال من الاختلال المزمن؛
- ضمان الاستقرار المالي والنقدي والحفاظ على استقرار قيمة النقود الوطنية وحماية قيمتها؛
- تحقيق النمو والرفاهية الاقتصادية والتوظيف الكامل لضمان الإنتاج؛
- ضمان تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية والتوزيع العادل للدخل والثروة؛
- ضمان توفير الأموال والموارد الاقتصادية اللازمة لعملية النمو والتطور الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع.

2. أدوات السياسة النقدية الاسلامية:
إن عملية تنفيذ السياسة النقدية في الإسلام تدور حول محور العائد على رأس المال غير المضمون والمشاركة في الربح والخسارة في المعاملات النقدية، والعمليات التجارية والإنتاجية، وعليه فإن السلطات الاقتصادية والنقدية الإسلامية تستطيع أن تؤثر على حجم الأرصدة النقدية المتاحة في الاقتصاد، من خلال الأدوات والوسائل التي تؤثر على معدل عائد التشارك في الودائع المصرفية، فهذه الأدوات يمكن تقسيمها إلى :
أ- الأدوات الكمية:
- هوامش المشاركة والمرابحات: تستهدف هذه الوسيلة مراقبة الكتلة النقدية وتوجيه الائتمان وذلك لتذليل المشاكل الطارئة للسيولة، فإن رفع معدل المشاركة في الأرباح في النظام الإسلامي أي رفع نسبة الربح، يؤدي إلى ارتفاع في تكاليف التمويل ومن ثَّم تقليص الطلب على التمويل للاستثمار والعكس صحيح، وبالتالي فإن أي تغيير في هذه النسب عن طريق البنك المركزي، يمكن أن يؤثر بطريقة مباشرة على جانبي العرض والطلب للتمويل المصرفي وذلك من خلال أثره على مقدرة ورغبة كل من البنك والعميل.
وفي هذه الحالة يستطيع صانعوا السياسة الاقتصادية والنقدية تغيير معدلات العائد على التمويل المصرفي، وذلك من خلال التغيير المباشر لنسب المشاركة في أرباح وخسائر العمليات المصرفية والتجارية وبالتالي التأثير على حجم الأرصدة النقدية المتاحة في الاقتصاد.
إن استخدام آلية هوامش المشاركة والمرابحة تساهم في تمكين السلطات النقدية من حقن أو امتصاص الاحتياطيات والأرصدة النقدية الموجودة بحيازة القطاع الخاص بالشكل والكيفية التي تعمل على تحقيق الاستقرار النقدي والمالي وحماية الاقتصاد من التقلبات والاختلالات الاقتصادية، فعلى سبيل المثال يمكن للسلطات النقدية في حالة انتهاجها لسياسات نقدية توسعية أن تعمل على زيادة حجم الكتلة النقدية والتمويل المصرفي وذلك من خلال تخفيض هوامش المشاركة والمرابحة في التمويل المصرفي وبالتالي زيادة الطلب على رؤوس الأموال والتمويل المصرفي بغرض الاستثمار.
وعلى النقيض من ذلك ففي حالة انتهاج السلطات النقدية لسياسات نقدية انكماشية تستطيع أن ترفع من هوامش المشاركة والمرابحة على التمويل المصرفي وبالتالي يقل الطلب على التمويل المصرفي مما يؤدي إلى انخفاض حجم الأرصدة النقدية العاملة في الاقتصاد. إلا أن مدى فعالية هذه الآلية في تنفيذ وتحقيق أهداف السياسة النقدية والتمويلية مرهون بمدى تطور الجهاز المصرفي وجاذبيته في حشد المدخرات.
- حجم القاعدة النقدية:  يمكن للسلطات النقدية أن تحدد سنويًا معدل نمو الكتلة النقدية المرغوب فيه الذي يتناسب مع الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع، وهذا المعدل المستهدف في نمو حجم الكتلة النقدية يمكن تحقيقه من خلال الضبط والتحكم في حجم القاعدة النقدية وذلك من خلال إدارة إصدار العملة الجديدة.
- نسبة الاحتياطي القانوني: رغم الخلاف بين الاقتصاديين الاسلاميين حول هذا الأمر، حيث يرى البعض أن تكون نسبة الاحتياطي في ظل النظام المصرفي الإسلامي كليًا أي بنسبة 100%، بالنسبة لجميع الودائع الاستثمارية والودائع الجارية للتغلب على الأزمات الاقتصادية، بينما يدافع البعض الآخر عن الاحتياطي الجزئي لفاعليته في السياسة النقدية في التأثير على عرض النقود.
إلا أنه يمكن القول، بالنسبة للودائع تحت الطلب، فإن كثير من الكتاب يفضلون الاحتياطات الجزئية لها، أما بخصوص حسابات الاستثمار، فيوافق كل الباحثين على أن المصارف الاسلامية يجب أن تحتفظ ببعض الاحتياطات السائلة في مقابل هذه الودائع.
فمعلوم أن نسبة الاحتياطي القانوني التي ينبغي أن تحتفظ بها المصارف التجارية لمقابلة التزاماتها تجاه الودائع المصرفية تنقسم إلى قسمين: نسبة الاحتياطي النقدي وهي تلك النسبة النقدية التي تحتفظ بها المصارف التجارية لدى البنك المركزي من جملة ودائعها المصرفية، ونسبة السيولة التي تحتفظ بها المصارف التجارية داخليًا من جملة ودائعها المصرفية، فهذه النسب يمكن التحكم فيها بواسطة السلطات النقدية بغرض ضمان ضبط مقدرة المصارف التجارية على منح التمويل المصرفي، فيمكن رفع نسبة الاحتياطي القانوني لمقابلة الودائع المصرفية الجارية وتخفيض نسبة الاحتياطي القانوني لمقابلة الودائع المصرفية الادخارية أو الاستثمارية أو تلك التي تودع بهدف المضاربة أو المشاركة، عليه يمكن للسلطات الاقتصادية والنقدية في ظل النظام الاقتصادي الإسلامي أن تغير من هذه النسب بهدف ضبط التمويل المصرفي بحسب ما تقتضي الظروف وأهداف السياسة النقدية والتمويلية في الاقتصاد.
- عمليات السوق المفتوحة: في مقابل عمليات السوق المفتوحة في النظام التقليدي نجد البديل الذي يلائم المعاملات الاسلامية يستخدم وسائل متعددة ضمن عمليات السوق المفتوحة تجعله أكثر تنوعا وشمولا، مما يسهل مهمة السلطة النقدية في التأثير على حجم الائتمان وكمية النقود المتداولة حسب متطلبات الوضع الاقتصادي القائم وتتعامل مع جمهور المدخرين بالبيع والشراء في صكوك وسندات تخضع حصيلتها لمبدأ الربح والخسارة، ولعل من أهمها الوسائل والأدوات القائمة على الملكية مثل (صكوك الإجارة، أسهم المشاركة، أسهم المضاربة وأسهم الانتاج)، حيث تتميز هذه الأدوات بقابليتها للتداول بأسعار تحددها قوى السوق دون التقيد بالقيمة الاسمية لها، وهذا ما يمكن من قيام سوق ثانوية لها، كما أنها لا تشكل عبئا على الحكومة لأنها لا تشكل مديونية، فهي من أنواع التمويل المنساب من خارج الميزانية العامة وجميع تلك الأدوات يرتبط بمشاريع حقيقية.  
أما الوسائل والأدوات المالية القائمة على المديونية فقد تنشأ عن القرض أو البيوع وأهمها (سندات المرابحة، سندات الاستصناع، وسندات السلم)، والتي تتميز بارتباطها بالإنتاج المادي للسلع والخدمات، ويمكن أن تقدم الضمانات اللازمة والرهون المناسبة لحامل هذه السندات.  
- تغيير نسبة نقدية الزكاة وموعد تحصيلها ونوعها: باستطاعة السلطة النقدية أن تقرر جباية الزكاة نقدا وتوزيعها عينا أو جبايتها عينا وتوزيعها نقدا، أو أن تجمع بين الأسلوبين معا بنسبة متفاوتة، كما يمكن للدولة أن تقوم بتغيير موعد جباية الزكاة، ويكون ذلك تطوعا أو بطلب من ولي الأمر بما يحقق المصلحة العامة، وتبعا للحالة الاقتصادية السائدة .
ففي حالة التضخم يمكن لولي الأمر أن يقوم بجمع الزكاة أو نسبة منها نقدا وقبل موعد استحقاقها لسحب الكمية اللازمة من الكتلة النقدية المتداولة من النقود  بحسب الحالة الاقتصادية السائدة، وفي المقابل يقوم بتوزيع ما يقابل قيمتها في صورة عينية على شكل سلع وخدمات، مما يعني تخفيض حجم الكتلة النقدية المتداولة وفي الوقت نفسه توفير معروض سلعي إضافي في السوق مما يدفع بالأسعار إلى الانخفاض، فيزيد الطلب على السلع فترتفع الأسعار من جديد وهكذا حتى يتحقق التوازن بين العرض والطلب وتخفف من حدة التضخم، وفي حالة الانكماش تقوم السلطات بتأخير موعد جباية الزكاة أو نسبة منها بصورة عينية إبقاء للكمية الازمة من المعروض النقدي في التداول، وتحريكا للنشاط الاقتصادي، بالإضافة إلى إمكانية أن تقوم بتوزيع ما جمعته بصورة نقدية، الأمر الذي يدفع إلى إضافة كمية من النقود للتداول فيزيد حجم الطلب الفعلي وترتفع الأسعار فيحدث الانتعاش والتوازن المطلوبين.
ب- الأدوات النوعية:
يمكن أيضًا للسلطات النقدية في النظام الاقتصادي الإسلامي بجانب استخدامها للأدوات غير المباشرة للسياسة النقدية والتمويلية أن تستخدم بعض الأدوات النوعية التي يمكن أن تعمل على ضمان حماية قيمة العملة الوطنية والمحافظة على استقرارها وتحقيق أهداف السياسة النقدية الأخرى وأهم هذه الأدوات النوعية التي يمكن إتباعها هي:
– السقوف التمويلية: تستطيع السلطات النقدية في الإسلام أن تؤثر على حركة واتجاهات التمويل المصرفي الممنوح للقطاعات أو الوحدات الاقتصادية المختلفة في فترة زمنية محددة وذلك من خلال توجيه المصارف التجارية والمؤسسات المالية والنقدية العاملة في الدولة بزيادة نسبة التمويل المصرفي الممنوح لصالح قطاع اقتصادي معين من إجمالي التمويل المصرفي الممنوح لكل القطاعات والوحدات الاقتصادية الأخرى، أو بتخفيض نسبة التمويل المصرفي الممنوح لقطاع آخر، وهذه الآلية تستطيع أن تؤثر على حركة واتجاهات ونوعية التمويل المصرفي المتاح دون أن تؤثر على حجمه أو كميته، والهدف من استخدام هذه الأداة هو تشجيع القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية، ومعالجة أوضاعها وضبط التمويل المصرفي نحو أفضل الاستخدامات، وتوجيه وتنظيم حركة السيولة في الاقتصاد.
–  الإقناع الايماني: وهي تدخل المصرف المركزي لإقناع المصارف الأخرى بالإجراءات الواجب اتباعها لمواجهة المشاكل الاقتصادية، ومن هذا المنطلق تؤمن المصارف الاسلامية بضرورة تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، والامتثال لتوجيهات ولي الأمر لقول الله تعالى» وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على الرسول البلاغ المبين« (لمائدة الآية 92)، وتتم هذه العملية عادة عن طريق عقد اجتماعات ولقاءات بين السلطة النقدية (البنك المركزي) وباقي المصارف الاسلامية.
– التوجيهات المباشرة: يمكن للسلطات النقدية في الإسلام أن تلجأ إلى أسلوب التوجيهات المباشرة من خلال إصدار
الأوامر والتعليمات والتوجيهات المصرفية الملزمة للمصارف والمؤسسات المالية والنقدية العاملة في الدولة، وذلك بهدف ضمان تحقيق أهداف السياسة النقدية من خلال ضبط وتوجيه التمويل المصرفي بما يتفق والظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يتسم بها الاقتصاد.
- الرقابة المباشرة: لإحكام إشراف المصرف المركزي على المصارف بما فيها المصارف الاسلامية، وضمان التناسق ضمن النظام المصرفي ككل، تقوم السلطة النقدية بإجراءات رقابة مباشرة على مختلف المؤسسات المصرفية لتقييم مدى إلتزامها بالإجراءات المحددة، واتخاذ التدابير المناسبة لهذه المصارف أو ضدها.
3. الجهود المبذولة لتحقيق فعالية السياسة النقدية الاسلامية:
من أجل تحقيق الأهداف الأساسية للسياسة النقدية لابد من توفر مجموعة من الأساسيات ومن أهمها :
أ‌- توفر السلطة النقدية (البنك المركزي الاسلامي):
والذي يعبر عن المؤسسة الحكومية التي تنظم وتصدر النقود، وتراقب عمل المؤسسات المصرفية، وترسم السياسة النقدية وفق الشريعة الإسلامية حيث تكمن أهمية البنك المركزي من خلال الخصائص التي يتميز بها، حيث، أنه المسؤول عن تطبيق النظام النقدي والمصرفي الاسلامي وفق مبادئ الشريعة الإسلامية كما يعد حلقة الوصل بين الدولة والمصارف الإسلامية وبين هذه المصارف فيما بينها، وأنه المؤسسة الوحيدة المسؤولة عن إصدار الوحدة النقدية والتوجيه والاشراف على الشؤون النقدية والائتمانية، أي أن عمله يكون على المستوى الكلي، بينما يترك العمل على المستوى الجزئي للمصارف والمؤسسات المالية من ادخار واستثمار ومختلف صيغ المشاركة، وكل هذه الخصائص تكون في ظل الاستقلالية التامة لقرارات وسياسة البنك المركزي الاسلامي باعتباره القمة والسلطة العليا للنظام النقدي الإسلامي والساعي للحفاظ والمحافظة على المصلحة العامة للأمة الاسلامية.
ب‌- توفير المدخرات وتوجيهها نحو الاستثمار:
وذلك بتوفير أساليب الاستثمار المصرفي لموافقة خطط وبرامج التنمية المبنية على قاعدة الغنم بالغرم، أو المشاركة في الربح والخسارة.
ج- تنظيم عرض النقود:
وذلك بعم النقود إلا لأسباب اقتصادية بحيث يرتبط معدل التوسع النقدي بمعدل النمو الحقيقي للناتج الوطني، مما يحفظ قيمة النقود واستقرارها، والسيطرة على توليد النقود الائتمانية، والرقابة عليها.


caesar souf
Admin

المساهمات : 5
تاريخ التسجيل : 20/12/2015

https://emepge.banouta.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

بحث حول "دور التمويل الاسلامي في التنمية الاقتصادية Empty رد: بحث حول "دور التمويل الاسلامي في التنمية الاقتصادية

مُساهمة من طرف caesar souf الإثنين ديسمبر 21, 2015 9:41 am

المبحث الثاني: التمويل الإسلامي

المطلب الأول المقصود بالتمويل الإسلامي وأدواته
1. المقصود بالتمويل الاسلامي
التمويل في الأساس مأخوذ من المال، والمال في الاصطلاح الشرعي أعم من النقود أو الذهب والفضة ويشمل الأشياء التي يجوز الإنتفاع بها ، ولها قيمة لدى الناس.
أما التمويل الإسلامي بالمفهوم المعاصر، يمكن أن يقال عنه هو عبارة عن علاقة بين المؤسسات المالية بمفهومها الشامل و المؤسسات أو الأفراد ، لتوفير المال لمن ينتفع به سواء للحاجات الشخصية أو بغرض الإستثمار، عن طريق توفير أدوات مالية متوافقة مع الشريعة، مثل عقود المرابحة أو المشاركة أو الإجارة أو الاستصناع أو السلم ، أو القرض.

2. أدوات التمويل الاسلامي
أدوات التمويل المعمول بها في المؤسسات المالية اليوم عدة منها:
عقود المرابحة
بيع المرابحة يعتبر أحد أنواع البيوع المشروعة في الفقه الإسلامي بشكل عام ، وهو أيضا أحد أدوات التمويل بالمؤسسات المالية التي توفر منتجات متوافقة مع الشريعة.
والمرابحة في اللغة مأخوذة من الربح وهو الزيادة أو العائد.
أما فيما يتعلق باصطلاح الفقهاء فهي عبارة عن بيع سلعة بسعر يشمل تكلفة السلعة على التاجر ، مضافا اليها ربح معلوم. فالتكلفة تشمل السعر الذي اشترى البائع السلعة به ، مع تكاليف اضافية مثل قيمة الشحن والتخزين والنقل وغيرها مما يدخل في التكلفة الاجمالية لوصول السلعة إلى البائع.
وما سبق يعتبر هو مفهوم المرابحة كما يتناولها الفقهاء في كتبهم ، ولكن كما هو معلوم أن هذا النوع من العقود ، جرت عليه بعض التغييرات أو ما يمكن ان نطلق عليه نوع من التطوير ليتناسب مع الوضع التجاري المعاصر ، وأصبح يستخدم هذا النوع من العقود لتوليد صور أخرى تتطابق معه في المفهوم العام ، ولكن تختلف عنه في بعض التطبيقات. ويمكن تناول بعض هذه الأشكال فيما يلي:
عقد المرابحة البسيط.
وهذا النوع من العقود هو عبارة عن أن بعض المؤسسات المالية تتفق مع جهة متخصصة – سواء في العقار أو بيع السيارات على سبيل المثال – على توفير منتجات أو عقارات معينة تكون في الغالب رائجة ، ومن ثم تعرض المؤسسة المالية هذه المنتجات على زبائنها لبيعها بالتقسيط  مع إضافة هامش ربحي ، وهذا الهامش يعتمد غالبا على فترة السداد التي يرغبها الزبون ، بمعنى أنه كلما زادت المدة زاد الهامش ، وذلك حسب نسب ربح مئوية يتفق عليها طرفي العقد.
المرابحة للآمر بالشراء.
وهذا النوع من العقود سبق أن تكلم عليه الفقهاء في السابق ولعل من أبرزهم الإمام الشافعي في كتابة الأم حيث قال: " وإذا أرى الرجلُ الرجلَ السلعةَ فقال اشتر هذه وأربحك فيها كذا فاشتراها الرجل فالشراء جائز".
أما بيع المرابحة للآمر بالشراء ، أو ما يمكن ان يعبر عنه "مع الوعد بالشراء" ، أصبح منتشرا في بشكل كبير في المؤسسات المالية الإسلامية ، وذلك أن المؤسسة المالية ، وبطلب من العميل تقوم بشراء سلعة معينة سواء كانت للأفراد مثل السيارات أو المنازل أو غير ذلك ، أو ما كان منه للمؤسسات أو الشركات مثل الأجهزة الطبية والمعدات والاجهزة التي تحتاجها المصانع ، أو المواد الأولية التي يُحتاج إليها في المشاريع الإنشائية ، على أساس أن طالب التمويل يشتري هذه السلعة بعد تملك المؤسسة المالية لها ، مع هامش ربح يضاف الى سعر السلعة ، ويزيد هذا الهامش وينقص حسب المدة التي يتم فيها السداد.

عقود التورق
التورق في الأساس مأخوذ من الورق وهو الفضة وذلك لأن طالب التمويل أو من يقدم على شراء مثل هذه السلع في الغالب ليس لديه الرغبة في تملك السلعة ولكن الغرض من ذلك الحصول على المال وأحد أشكال النقد في السابق هو الفضة ، وهذا يفسر استخدام لفظ التورق للدلالة على أن رغبة من يدخل العقد في الحصول على النقد. والتورق هو أحد الصور التي تناولها الفقهاء في كتبهم ولكن يدرجونهم ضمن دراستهم لما يسمى ببيوع الآجال ، والتورق يعتبر من صور البيع الآجل ، إلا أن فقهاء الحنابلة استخدموا له مصطلح خاص وهو التورق ، ثم أصبح هذا المصطلح متداولا لدى الفقهاء المعاصرين والمهتمين بالدراسات المتعلقة بفقه المعاملات في الشريعة الاسلامية. أما فيما يتعلق بمظاهر مثل هذا النوع من العقود في المؤسسات المالية اليوم يمكن أن يُقال بأنه يأخذ عدة أشكال ولعل من أبرزها:
التورق التقليدي
لعل السبب في تسميته في التورق التقليدي هو ان هذا النوع من التورق هو أحد أشكال العقود التي تناولها الفقهاء في كتبهم. والمقصود به هو أنه عقد يشترك فيه ثلاثة أطراف حيث أنه يتم في العقد الأول بيع السلعة بسعر مؤجل ، يكون غالبا اعلى من السعر الحاضر ، ومن ثم يقوم المشتري ببيعه في السوق إلى شخص آخر غير البائع الأول بأقل من السعر الأول ليحصل على النقد ، مع العلم بأنه في هذا العقد ليس هناك اي ترتيب مسبق بين البائع في العقد الأول والمشتري في العقد الثاني.
هذا النوع من العقود لازال يمارس على مستوى الأفراد إذ أن كثير من المؤسسات المالية تباشر عملية بيع مرابحة للأفراد وهم بالتالي يتولون عملية تسييل هذه المنتجات في السوق.
التورق المصرفي المنظم
التورق المصرفي المنظم هو أيضا أحد أشكال التمويل الذي تباشره عدد من المصارف التي تقدم منتجات تتوافق مع الشريعة ، وقد أخذ هذا العقد في الانتشار بشكل كبير بين كثير من المصارف في منطقة الخليج ، على أساس أن بعض العلماء يرون جواز التعامل بمثل هذا النوع من العقود ، وكانت بداية مثل هذا العقد في مطلع هذا العقد تقريبا ، وقد تم تطوير هذا العقد ليكون أكثر ملائمة لأحكام الشريعة ، ومن أبرز أشكال هذا العقد هو أن يقوم المصرف بشراء معادن ثم بيعها على الأفراد أو المؤسسات مرابحة ، ومن ثم ترتيب عملية بيع تلك المعادن نيابة عن عملائه - بصفته وكيلا عنهم – وذلك في السوق العالمية ، ومن ثم إيداع تلك المبالغ في حسابات عملائه. ولهذا النوع أشكال أخرى سواء بعرض أنواع أخرى من السلع خصوصا السلع المحلية أو بتقديم خدمات أخرى مثل البطاقات الإئتمانية.  

عقود الإجارة
الإجارة والأجر هو ما يمكن أن يقال عنه بأنه ما يعطاه الإنسان مقابل عمل دنيوي أو أخروي.
أما بالمفهوم الفقهي ، فيمكن أن نقسمها إلى قسمين: الأول يتعلق بأجرة العامل ، الثاني أجرة المنفعة. ففيما يتعلق بالعامل فهي عبارة عن عائد لشخص يتقاضاه مقابل أداءه لعمل ، وهذا العامل قد يتقاضى أجرته مقابل إنجاز عمل معين بغض النظر عن المدة ، وهناك نوع آخر وهو الذي يتقاضى به العامل الأجرة مقابل المدة التي يقضيها لعمل شيء ما ، بغض النظر عن حجم الإنتاج.
النوع الثاني من الإجارة وهو ما يكون مقابل منفعة معينة ، وهذا هو الغالب فيما يتعلق بالتمويل الذي تقدمه المؤسسات المالية ، والمقصود به في المفهوم الفقهي: هو أنه عقد على منفعة مباحة معلومة.
أما بالنسبة لتطبيقاتها في المؤسسات المالية اليوم ، فمن أبرز صورها ما يسمى بالتأجير المنتهي بالتمليك ، وذلك أن المؤسسة المالية تقوم بشراء عين ، ومن ثم تؤجرها لشخص على أساس أنه في نهاية العقد بإمكانه تملكها بسعر قد يكون منخفض نوعا ما ، وقد يكون تمليكه لها بسعرها في السوق ، أو في بعض الأحيان بدون مقابل ، وهذا يعتمد على العرض الذي يقدمه المصرف.

عقود المشاركة
الشركة في اللغة المقصود بها الاختلاط ، وكما هو معلوم فإن الشركات في الفقه الإسلامي عدة أنواع ، منها شركة العنان ، شركة المضاربة ، شركة الوجوه ، شركة الأبدان. ويهمنا بشكل اكبر هنا شركة العنان والمضاربة.
وشركة العنان: هي اشتراك أثنين أو أكثر في المال ، والربح.
من صور هذه الشركة في المصارف الإسلامية اليوم ما يسمى بالمشاركة المتناقصة ، سواء كان ذلك بغرض الاستثمار ، او بقصد تمويل الأفراد أو المؤسسات وذلك لتوفير إحتياجاتهم. ومن أبرز أشكال هذا النوع من التمويل ما هو منتشر اليوم في كثير من الدول الأوربية مثل بريطانيا ، وهو تمويل شراء المساكن للأفراد ، و من الممكن أن يكون هذا العقد لغرض تجاري مثل المشاركة في شراء عقار أو ما يمكن تاجيره بشكل عام ويتولى طالب التمويل عملية دفع قسط الايجار للمصرف بقدر نصيبه في العقار او ان يتولى ادارة العين المملوكة ، ويعطي المصرف قسطه من الأجرة او الربح حسب الاتفاق ، ومن ثم يعمل طالب التمويل على دفع مبلغ إضافي كل شهر على سبيل المثال ليتملك حصة المصرف خلال مدة معينة.
والمضاربة: شركة بين اثنين أحدهما بالمال ، والآخر بالعمل ، وهذا النوع من العقود يدرجه بعض الفقهاء ضمن عقد الشركة بشكل عام وبعضهم يجعله عقد مستقل.
وله عدة تطبيقات في المصارف اليوم مثل أن يدفع المصرف مالا الى من يرغب في انشاء مصنع ، او لديه رغبة في الزراعة ، او يمكن ان يدخل المصرف كشريك في شركة استثمارية قائمة عبر تمويلها ومن ثم تقاسم الارباح حسب الاتفاق بينهما ، ولعل هذا النوع من العقود ركز عليه الدكتور النجار في تجربة بنوك الادخار المحلية.
عقد القرض والمقصود به القرض الحسن ، وهذا النوع من العقود غرضة تبرعي وليس استثماري بمعنى ان المصرف لا يحقق عائدا مباشرا منه ، ولكن يمول منشأة معينة لفترة ما على اساس ان ترد المؤسسة المبلغ المقترض دون زيادة ، خلال مدة متفق عليها.
وهذا النوع من العقود تطبيقاته قليلة في المصارف اليوم وذلك لانها لاتحقق عائدا للمصرف الا انها من الممكن ، أنه من الممكن تقديم مثل هذا النوع من القروض بهدف ربحي غير مباشر وهو كخدمة لعملاء البنك الخاصين مثلا. وهذا يمثل عامل جذب للعملاء.

عقد السلم
وهو عقد تكلم الفقهاء على أحكامه بشكل مفصل في كتبهم وأبرز وذلك من خلال دراستهم لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: " من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم" رواه البخاري ومسلم
وهذا النوع من العقود يمكن أن نعرفه بأنه بيع سلعة معلومة ، إلى أجل معلوم ، وذلك بثمن معلوم حال عند العقد.
وهذا النوع من العقود يمكن الإستفادة منه في تمويل المشاريع العقارية عبر أن تلتزم تلك الشركة بتوفير وحدات سكنية للممول مقابل التمويل ، ومن ثم وبعد استلام تلك الوحدات يتولى المصرف عرضها للبيع بالتقسيط فيتحقق له الربح من خلال الشراء بسعر مخفض من الشركة العقارية نتيجة لتقديم سداد المبلغ ، وفي نفس الوقت يبيعها الممول بسعر أعلى لمن يرغب بشرائها بالتقسيط ، بالاضافة إلى أن هذا النوع من العقود يمكن ممارسته من خلال الدخول في عقود بيوع الآجل ، خصوصا فيما يتعلق بالمعادن أو المنتجات الضرورية مثل الأرز والقمح ، بل بالامكان أن يتم استخدام مثل هذا العقد في تمويل المشاريع البتروكيماوية ، من خلال إعطاء مبلغ تمويل كقيمة لمنتج تنتجه الشركة على أساس ان يكون تسليم المنتج بعد عدد من السنوات.


عقد الاستصناع
هو التعاقد على صنع شيء ، بأوصاف معلومة ، مادته من الصانع ، على أساس أن يدفع المستصنع مبلغا معينا سواء عند بداية العقد أو خلال فترات متفاوته أثناء أداء الصانع للعمل المتفق عليه بينهما ، وذلك حسب الاتفاق الموجود في العقد.
أما فيما يتعلق بارتباطه بأدوات التمويل التي يمكن ان تقدمها المؤسسات المالية ، فهذا النوع من العقود يتناسب مع المشاريع الكبرى مثل مشاريع المقاولات أو حتى بناء المساكن ، وذلك بأن يتولى المصرف تمويل شركة عقارية لبناء مساكن مثلا نظرا لعدم كفاية المال الذي لديها لاتمام المشروع ، وبعد الانتهاء من المشروع تتولى المصارف بيع تلك الوحدات بالتقسيط . وهناك ما يسمى الاستصناع الموازي والذي يلعب فيه المصرف التمويل من الباطن لإنشاء مشاريع كبيرة مثل المجمعات التجارية والسكنية.

المطلب الثاني: الجهاز المصرفي:
ظهرت المصارف الإسلامية منذ فترة بسيطة (الأربعينات للقرن الماضي) مقارنة بالأنواع الأخرى من البنوك، حيث كانت بذرة هذا النوع من البنوك على شكل صناديق ادخار بعيدة عن الفائدة، وبدأت تلك المصارف في كل من ماليزيا وباكستان في الأعوام  1940 و 1950 على التوالي، وعلى الرغم من فشل أول بنك للادخار* المحلي يعمل وفقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية في مصر إلاَّ أنَّه تم إنشاء بنك ناصر الاجتماعي في العام 1972 القائم على أساس التعامل بدون الربا، ويظهر أن العديد من الدول قد عملت على تأسيس تلك المصارف من خلال إصدار قوانين حولها، ففي ماليزيا اصدر البرلمان الماليزي قانون البنوك الإسلامية في عام 1982، وفي باكستان تم أسلمت النظام المصرفي منذ عام 1979، وفي إيران صدر القانون المصرفي الإسلامي في العم 1983، وفي تركيا صدر قانون تنظيم نشاط التمويل اللاربوي في العام 1983 والذي سمي بيوت التمويل الخاصة .
وتتميز المصارف الإسلامية بأنها تقوم بالوساطة المالية واستنباط الأدوات المالية بغرض الربح وفقاً للشريعة الإسلامية، وتعرف هذه الميزة بالنظام التمويلي الإسلامي، ويتضمن هذا التعريف أيضا المؤسسات المالية الإسلامية، ولذلك تمارس تلك المصارف والمؤسسات وظائفها بثلاث طرق، وتتمثل الطريقة الأولى في التمويل المباشر من خلال صيغة المضاربة والقرض الحسن، وتكون الطريقة الثانية من خلال التمويل غير المباشر من خلال البيوع أي البيع الأجل وبيع المرابحة، فضلا عن الإجارة بجميع أشكالها، وأشهرها إجارة منتهية بالتمليك، بينما الطريقة الثالثة تكون على أساس التمويل من خلال الخدمات أي الاستصناع* وغيرها، وأهم ما تتصف به تلك البنوك والمؤسسات الإسلامية في أنها لا تعطي عائداً ثابتاً، بمعنى ليس هناك فوائد ربوية محرمة، ونتيجة لذلك تختلف الصيغ الإسلامية عن الصيغ الربوية في المضمون أو الأثر . وبظهور الخدمات المصرفية الإسلامية في العديد من الدول ومنها لندن يلاحظ هناك خبرة  منذ 30 عاماً، وفيما يتعلق بالمصارف الإسلامية فإنها لم تبرز على الساحة  البريطانية بشكل ملحوظ إلا  عندما سنت الحكومة تشريعات تقنن الخدمات التي تتفق مع أحكام الشريعة وسعت إلى الترويج في لندن كمركز للتمويل الإسلامي في الغرب( تم الترخيص للبنك الإسلامي البريطاني في العام 2004 )، وبذلك تأتي بريطانيا في مقدمة الدول الأوروبية التي تطبق خدمات مصرفية إسلامية، حيث يوجد بها نحو 100 ألف شركة إسلامية، والعديد منها تعمل بانتظام أو تستقبل مدفوعات دولية عبر 250 مصرفا إسلاميا في أنحاء العالم وتحتل المركز الثامن بين دول العالم في مجال التمويل الإسلامي، وهي أكبر مركز للخدمات المصرفية الإسلامية في غرب أوروبا، ويوجد بها اليوم 22 مصرفاً تقدم هذا النوع من الخدمات منها 5 مؤسسات لا تتعامل إلا في خدمات تتفق مع أحكام الشريعة وهي بنك لندن والشرق الأوسط وبيت التمويل الأوروبي وبنك الاستثمار الإسلامي الأوروبي(EIIB) وبنك جيتهاوس ( Gatehouse Bank) التابع لبيت الأوراق المالية الإسلامية الكويتي، والبنك الإسلامي البريطاني(IBB ) الذي انشأ حديثا سنة 2004،  بالإضافة إلى هذه البنوك هناك مجموعة من المؤسسات المالية البريطانية الأخرى التي تقدم خدمات مالية إسلامية مثل البنك الأهلي المتحد و أمانة فاينانس الإسلامي Amanah Finance التابع لبنك الـ HSBC الإسلامي ومؤسسة البراق التابع لـبنك ABC (Arab Banking Corporation Group). وهناك توقعات بأن يتضاعف عدد البنوك الإسلامية في غضون السنوات الخمس القادمة بسبب تزايد الطلب على المنتجات المالية الإسلامية .
أمَّا المصارف الإسلامية في الجمهورية اليمنية فقد صدر بها القانون رقم 21 لعام 1996، وتضمن 8 فصول تحتوي على 28 مادة، وقد تمثل الفصل الأول في التسمية والتعاريف، في حين تناول الفصل الثاني الأهداف والاختصاصات، وخصص الفصل الثالث لرأس المال، واقتصر الفصل الرابع على ضوابط العمل، وأفرد  الفصل الخامس للأجهزة، وتضمن الفصل السادس الميزانية والحسابات الختامية والأرباح، وتناول الفصل السابع  تصفية البنوك، وانتهى الفصل الثامن بالإحكام الختامية، وتقوم الأعمال والخدمات المصرفية وفقاً لإحكام الشريعة الإسلامية، وأشارت المادة 6 في الفصل الثالث إلى أن رأس مال البنك المصرح به يجب إلاَّ يقل عن مليار ريال يمني، ويحدد رأس المال المدفوع بنصف رأس المال المصرح به، وأجاز القانون أن يساهم غير اليمنيين أو أي هيئة أو مؤسسات أو شركات أو بنوك في رأس مال أي بنك إسلامي،  على أن لا تزيد نسبة المساهمة عن 20% من رأس مال البنك المصرح به، كما أشارت المادة 7 إلى أن  على كل مصرف إسلامي أن يحتفظ برصيد احتياطي قانوني بما لا يقل عن نسبة 10% من صافي الأرباح القابلة للتوزيع الذي يحققها البنك حتى يساوي رصيد الاحتياطي رأس المال المدفوع، وأشارت المادة 11 في الفصل الرابع إلى إمكانية المصارف الإسلامية للاستثمار المباشر في المشاريع التي تنفذها بنفسها بنسبة 25%  من إجمالي رأس مال المصرف واحتياطاته، وتذكر المادة 13 في الفقرتين (أ ) و (ب) بإلزام البنوك الإسلامية لنسبة الاحتياطيات نفسها بحسب ما نص عليه قانون البنوك، وبشرط أن لا يستخدمها البنك المركزي على أساس الفائدة، ونجد أن البنوك الإسلامية لا تخضع لسعر الخصم لكونه يقوم على أساس الفائدة .

تبرز أهمية الجهاز المصرفي من كونه يعمل على جذب المدخرات من أصحاب رؤوس الأموال الفائضة وتوجيهها نحو تمويل أصحاب الحاجة لتلك الأموال بهدف تمويل المشروعات سواء كانت تلك المشروعات صناعية أو تجارية كبيرة أو صغيرة، وعليه فان هذه الدراسة تحاول أن تبين أهمية الجهاز المصرفي وأهدافه بشكل أكثر وضوحاَ .
1. أهمية الجهاز المصرفي:  تبرز تلك الأهمية من حيث  تنوع تلك المصارف و لها وظائف متعددة، فمنها المصارف التجارية ومصارف الأعمال، ومصارف التنمية والاستثمار والمصارف المتخصصة والمصارف الإسلامية، ويظهر ذلك من هيكل مواردها واستخداماتها وتبرز تلك الأهمية فيما يلي:
1) المصارف تقدم التمويل من أجل الإنتاج وتأخذ عليها الفائدة بينما المصارف الإسلامية المصارف  تقدم التمويل من أجل الإنتاج وعلى ذلك تستحل الأرباح ولا تتعامل بالفوائد.
2) الاستثمار في المصارف التقليدية قائم على الفائدة بينما في المصارف الإسلامية قائم على مبدأ المشاركة و المرابحة في الربح أو الخسارة و المضاربة.
3) الاستثمار في المصارف قائم على أساس تحقيق أقصى ما يمكن من العوائد عند إقامة مشاريع تنموية وتقليل المخاطر، وذلك بتوزيع الاستثمارات على القطاعات الإنتاجية التي لديها المقدرة الحقيقية على تحقيق الأرباح وفق سياسات وآليات تعتمد هوامش الأرباح بينما الاستثمار في المصارف الإسلامية قائم على مبدأ تحقيق التنمية وتقليل المخاطر، وذلك بتوزيع الاستثمارات على القطاعات الإنتاجية الحقيقية وفق سياسات وآليات تعتمد هوامش الأرباح ونسب المشاركات .
2. أهداف الجهاز المصرفي: تتعدد الأهداف التي يحاول الجهاز المصرفي أن يحققها وتتمثل فيما يلي:
1) يسعى الجهاز المصرفي إلى ابتكار أوعية جديدة تتكيف مع التطورات والمعاملات الحالية، كذلك يقوم بإدارة السيولة والربحية بكفاءة تحقق الأمان المصرفي وتطور أعماله وتزيد موارده .
2) توظيف الموارد عبر الاستثمار المباشر والعمل على ترويج المشروعات ودراسات الجدوى للغير وتحسين المناخ الاستثماري العام .
3) المساهمة في تحقيق التنمية الاجتماعية باختيار مشروعات تساهم في توزيع الدخل.
4) للجهاز المصرفي أهمية في التركيز على كفاءة وفعالية نظم العمل المصرفي .
5) الابتكار والتجديد في اتخاذ الإجراءات والتسهيلات في جذب الأوعية الادخارية والاستثمارية والتمويلية والمصرفية .
6) السعي نحو تحقيق درجة عالية من الأمان المصرفي أي الإحاطة والحذر من المخاطر التي تتعرض لها المصارف أثناء عملياتها التشغيلية، ومن أهم المخاطر مخاطر السيولة، والتدفقات النقدية الخارجة من المصرف، مخاطر الائتمان أي منح الائتمان بنسبة تزيد عن النسبة التي حددتها الأنظمة التي تهدف إلى المحافظة على عدم تعرض المصرف للمخاطر  الناجمة عن عدم قدرة البعض عن تسديد القروض الممنوحة للإصدار، والمخاطر الخاصة برأس المال أي انخفاض القيمة السوقية للسهم مما يؤدي إلى خسارة في انخفاض قيمة الأسهم وبالتالي ينخفض رأس مال المصرف.
الالتزام بالأنظمة والقوانين المنظمة لكل من السيولة القانونية والسيولة التجارية والنسب الخاصة بمنح الائتمان والنسب الخاصة بالأرصدة النقدية والاحتياطيات القانونية والإجبارية .

المطلب الثالث: البنك الإسلامي، تعريفه، أهدافه، موارده المالية واستخداماته للموارد المالية المتاحة
1- تعريفه البنك الإسلامي هو مؤسسة مصرفية لتجميع الأموال وتوظيفها في نطاق الشريعة الإسلامية بما يخدم بناء مجتمع التكافل الإسلامي، وتحقيق عدالة التوزيع، ووضع المال في المسار الإسلامي. والبنوك الإسلامية تضيف الكثير على المهام التقليدية للبنوك التجارية لتجعل من البنك الإسلامي أداة تحقيق وتعميق للأداءات المرتبطة بالقيم الروحية، ومركزاً للإشعاع، ومدرسة للتربية، وسبيلاً عملياً إلى حياة كريمة لأفراد الأمة الإسلامية .
2- أهداف البنوك الإسلامية: إن الهدف من إقامة بنك إسلامي هو أن يقوم بتطبيق نظام مصرفي جديد يختلف عن غيره من النظم المصرفية القائمة إذ أنه يلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية في مجال المال والمعاملات، ويضع في اعتباره أثناء القيام بهذه الوظيفة أنه يعمل على تجسيد المبادىء الإسلامية في الواقع العملي لحياة الأفراد، وأنه يعمل على إقامة مجتمع إسلامي عملي.
والبنوك الإسلامية هي أجهزة مالية تستهدف التنمية وتعمل في إطار الشريعة الإسلامية وتلتزم بكل القيم الأخلاقية التي جاءت بها الشرائع السماوية، وتسعى إلى تصحيح وظيفة رأس المال في المجتمع، وهي أجهزة تنموية اجتماعية، مالية من حيث أنها تقوم بما تقوم به البنوك من وظائف في تيسير المعاملات، وتنموية من حيث أنها توضع في خدمة المجتمع وتستهدف تحقيق التنمية فيه.
3- الموارد المالية للبنوك الإسلامية:
تعتمد على مصدرين مثلها مثل البنوك التقليدية. داخلي ذاتي يتمثل في حقوق المساهمين. وخارجي يتكون من أنواع الودائع والمدخرات. وأهمها:
أ_ الحسابات الجارية: تشبه مثيلاتها في البنوك الأخرى ولا تستحق أي عائد كما لا تتحمل أي خسارة، وإنما يجوز للبنك ـ دون شرط مسبق ـ أن يمنح أصحابها امتيازات أو تسهيلات .
ب_ الودائع لأجل أو الودائع الاستثمارية:ـ بهذه الصفةـ تختلف اختلافا جذرياً عن مثيلاتها في البنوك الأخرى ، حيث تضمن البنوك التقليدية أصل الوديعة والفائدة عليها. أما في البنوك الإسلامية، فهي لا تضمن لا أصل الوديعة ولا عائداً محدداً عنها.
فالبنوك الإسلامية يعتبر وكيل عن المودعين في مواجهة المستخدمين للأموال، وهذه الوكالة على نوعين:
• وكالة فيها تفويض من المودعين باستثمار الودائع في أي مشروع، وهو ما يسمى بالودائع العامة حيث تقوم البنوك الإسلامية بالاستثمار مع العديد من مستخدمي الأموال ويضم هذه الودائع العامة وعاء تصب فيه أرباح هذه الاستثمارات التي يجري توزيعها على المودعين بنظام النمر (أي المبلغ مضروباً في المدة) بعد استقطاع حصة البنك مقابل الوكالة أو الإشراف؛
• وكالة فيها تقييد من المودعين باستثمار ودائعهم في مشروعات محددة يقومون بدراستها والموافقة عليها وتحمل مخاطرها وتعود إليهم أرباحها بعد استقطاع حصة البنك مقابل الوكالة والإشراف، وهذا ما يسمى في مصطلح البنوك الإسلامية بالودائع المخصصة.
4- استخدامات البنوك الإسلامية للموارد المالية المتاحة:
لا تكاد تخرج ممارسات البنوك الإسلامية في استثمار مواردها عن الطرق الثلاثة الآتية:
1) تمويل النشاط الاقتصادي لعملاء البنك: وهي الوظيفة التي تقوم بها البنوك العادية على سبيل الإقراض بفائدة محددة مسبقاً، وتقوم بها البنوك الإسلامية على سبيل المشاركة في الربح والخسارة أو المرابحة أو الإيجار.. الخ.
وتتعرض صيغة التمويل على أساس المشاركة في الربح والخسارة لمخاطر انخفاض أصل مبلغ التمويل في حالة الخسارة. لكن ولتجنب ذلك تعمد البنوك الإسلامية إلى تحديد حجم التمويل المستثمر في هذه الصيغة بحيث لا يتجاوز نسبة محددة من مجموع مواردها، بل وحصرها البعض في نسبة محددة من حقوق المساهمين دون المودعين.
لذلك لا بد  هنا من التأكيد على أمرين:
- أن البنوك الإسلامية تقوم بدراسة وتقييم المخاطر التي تتضمنها المشروعات التي تطلب التمويل بنفس الأساليب التي تقوم بها البنوك التقليدية سواء فيما يخص مخاطر العميل أو الدولة (سياسياً واقتصادياً) أو العملة، بل وتقوم بهذا التقييم بدرجة أعلى مما تقوم به البنوك التقليدية لمواجهة المخاطر الإضافية التي تتعرض لها نتيجة المشاركة في نتائج المشروع الذي تموله؛
- أن البنوك الإسلامية بممارستها لهذا النوع من التمويل تقوم بالدور الذي تحجم عنه البنوك التقليدية في تقديم رأس المال المخاطر risk capital.
أما التمويل بالمرابحة فلا يثير صعوبة في نظر النظم المصرفية العادية فيما عدا مسألة جواز تملك البضاعة من حيث المبدأ، إذ أنه من الناحية العملية يتم نقل ملكية البضاعة فور تملك البنك لها إلى المشتري، وتبقى مسألة تملك البضاعة أشبه بحق البنك في حالة إصدار مستندات البضاعة لأمر البنك في الاعتماد المستندي وإن كان الهدف منها إعطاء البنك ضماناً على البضاعة، بينما الهدف في حالة المرابحة هو تأكيد دور البنك كمشتر وبائع للبضاعة.
بقى التمويل بصيغة الإيجار والإيجار بشرط التمليك للعقارات والمعدات والآلات ووسائل النقل كالطائرات والسفن فقد أصبحت أحد الأنشطة المصرح للبنوك العادية القيام بها في معظم الدول، لذلك يمكن للبنوك الإسلامية القيام بها شأنها في ذلك شأن البنوك الأخرى.
2) تمويل النشاط الاقتصادي من خلال شركات تابعة للبنك: تقوم هذه الطريقة على إنشاء شركات تابعة للبنك إما مملوكة 100% للبنك أو يملك نسبة الأغلبية فيها؛ متخصصة في مختلف قطاعات الاقتصاد من تجارة داخلية وخارجية وإسكان ومقاولات صناعية بأنواعها... الخ.
ولا تختلف البنوك الإسلامية في هذا الصدد عن البنوك العادية سوى أنها تعامل شركاتها التابعة وفقاً للصيغ السابق الإشارة إليها، خاصة صيغة القرض الحسن أي بدون فائدة.
3) القيام بالنشاط التجاري بصفة مباشرة: هذه الطريقة لجأت إليها بعض البنوك الإسلامية بل وتوسعت فيها، وساعدها على ذلك بطبيعة الحال إصدار قوانين وتشريعات تخول للبنوك القيام بجميع الأنشطة التجارية والصناعية والزراعية والنقل والتخزين والتأمين التبادلي وغير ذلك .
5-  تقنيات التمويل في البنوك الإسلامية:
سوف نهتم بالشركة على أساس رأس المال أو مشاركة بين رأس المال والعمل كالمضاربة، لما يتفق وطبيعة العمل في البنوك الإسلامية، باعتبارها مؤسسات مالية تقوم بتجميع الأموال من الأفراد والمؤسسات واستثمارها حسب ما تقتضيه الشريعة الإسلامية. بالإضافة إلى الأنواع الأخرى مثل بيع السلم، المرابحة، البيع بالتقسيط وأيضا التأجير...
1) المضاربة(القراض): أكد فكر الصيرفة الإسلامي على مبدأ خضوع الاستثمار المصرفي الإسلامي سواء كان استثمار الفرد أو البنك في تمويل المشاريع لقيود شركة المضاربة التي وضعها الفقهاء.
أ‌- مفهوم المضاربة: المضاربة في اللغة تعني الضرب في الأرض أو السفر للتجارة طلبا للرزق. قال تعالى: << وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله>> سورة المزمل- الأية(20). أما اصطلاحا ، فتعرف: <<بأن يدفع رجل ماله لآخر يتجر له فيه على أن ما حصل من الربح حسب ما يشترطان>> . أو بعبارة أخرى: << المضاربة عقد بين طرفين يدفع أحدهما ماله للآخر ليتاجر فيه على أن يكون الربح بينهما حسب ما يتفقان عليه. أما إذا تحققت خسارة فإن صاحب المال يتحملها من ماله والعامل (المضارب) يتحملها من عمله .
ب‌- أنواع المضاربة: ويمكن أن تأخذ المضاربة أشكالا مختلفة تتفق من حيث المبدأ لكن تختلف في الأسلوب وطريقة التنفيذ.
1/ المضاربة الخاصة والمضاربة المشتركة: فالمضاربة الخاصة يشترك فيها اثنان أحدهما بماله والثاني بعمله، أو أن يكون رأس مال المضاربة من الطرفين والعمل من أحدهما فقط، أو أن يشترك اثنان بالعمل في مال أحدهما. وفي الحالتين الأخيرتين قد يطلق على عقد المضاربة عقد مشاركة لأن المال من الجانبين في الأول، والعمل من الجانبين في الثاني.
أما المضاربة المشتركة فهي التي يتعدد فيها أصحاب الأموال وأصحاب العمل. وتشمل على ثلاثة أطراف أصحاب الأموال، وهم المستثمرون الدين يقدمون أموالهم بصورة انفرادية للمضارب لاستثمارها في أوجه النشاط الاقتصادي. وأصحاب الأعمال أو أصحاب المشروعات الاستثمارية. والمضارب قد يكون فردا أو مؤسسة يلعب دور الوسيط بين الطرفين السابقين لتحقيق التوافق بينهما .
2/ المضاربة المطلقة والمضاربة المقيدة: المضاربة المطلقة هي المضاربة التي لم تتقيد بمكان أو زمان أو نوع من التجارة أو أشخاص. فللمضارب الحرية المطلقة في استثمار مال المضاربة بالكيفية التي يراها كفيلة بتحقيق الربح. أما المضاربة المقيدة فهي تلك المتضمن عقدها بشرط ما. وقد روي أن حكيم بن حزام من أصحاب رسول الله (ص)- كما روى الدارقطني والبيهقي- كان يمارس المضاربة ويشرط على المضارب لتخفيف المخاطر على ماله بقوله: " لا تجعل مالي  في كبد رطبة ، ولا تحمله في بحر، ولا تنزل به بطن سيل، فإن فعلت شيئا من ذلك فقد ضمنت مالي _أي عليك رد مالي_". وكان العباس عم النبي (ص) يفعل ذلك أيضا ولما دفع شرطه إلى الرسول (ص) أقره على ذلك . ولا بد للشرط أن يكون مفيدا متضمن العقد.
ت‌- شروط المضاربة: يمكن إجمالها في نوعين، شروط تتعلق برأس المال وشروط تتعلق بالربح.
1/شروط رأس المال: يشترط في المضاربة أن يكون رأس المال نقدا ومعلوما لكي يمكن من معرفة مقدار الربح. كما اتفق الفقهاء أن المضارب لا يضمن رأس المال عند الخسارة ما لم يتعد أو يخلف الشروط التي تم الاتفاق عليها؛
2/ شروط الربح: يشترط في المضاربة أن يكون الر بح معلوما سواء بالجزئية أو بالنسبة كأن يشترط له الثلث ، الربع،... ولا يجوز اشتراط قدر معين من الربح فلربما كان الربح أقل من ذلك المقدار.
2) المشاركة: ويطلق عليها أيضا "العنان". ويعد التمويل بالمشاركة من أهم صيغ التمويل التي يعتمدها فكر الصيرفة الإسلامي بديلا عن الإقراض بالفائدة. ونعني بها اختلاط مال الشركاء بحيث يتعذر التمييز بينهم إلا بالقسمة، وفيها يأذن كل شريك لشريكه التصرف في المال، ويتم توزيع الربح والخسارة حسب نصيب كل منهم في رأس المال .
ويستدل الفقهاء على جوازها بآيات قرآنية وأحاديث نبوية فيها إشارة على جوازها. قال تعالى: " فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه". سورة الكهف- الآية (5)، دليل على جواز تمويل شراء الطعام بالشراكة. وقال رسول الله (ص): إن الله تعالى يقول: << أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه ، فإن خان صاحبه خرجت من بينهما>>. رواه أبو داود من حديث أبي هريرة (ض). وحتى يكون عقد المشاركة جائزا يشترط فيه مجموعة من الشروط أهمها :
- أن يكون رأس المال من النقود، وأجاز بعض الفقهاء أن يكون من العروض؛
- أن يكون رأس المال معلوما وموجودا يمكن التصرف فيه؛
- يكون الربح بين الشركاء على ما اشترطوا بنسبة شائعة معلومة، فإن لم يشترطوا يكون حسب نسبة رأس مال كل منهم إلى رأس مال الشركة والخسارة كذلك.
• أنواع المشاركة: المشاركة نوعان؛ المشاركة الثابتة و المشاركة المتناقصة أو المنتهية بالتمليك.
أ- المشاركة الثابتة: وتقوم على مساهمة البنك في تمويل جزء من رأس مال مشروع معين يترتب عليه أن يكون شريكا في ملكيته وإدارته ، وكذا شريكا في الربح بالنسبة المتفق عليها. وتبقى حصة كل طرف ثابتة في المشروع لحين انتهاء مدة المشروع أو الشركة .
ب- المشاركة المتناقصة أو المنتهية بالتمليك: هي نوع من المشاركة يعطي البنك فيها الحق للشريك في أن يحل محله في الملكية ، دفعة واحدة أو على دفعات حسب الشروط المتفق عليها.
3) المرابحة: هي البيع بالثمن الذي اشتريت به السلعة مع ربح معلوم. واتفق الفقهاء على بيان الثمن وما يدخل فيه ويلحق به، وأيضا زيادة ربح معلوم. وبذلك يمكن تعريف المرابحة بأنها بيع ما ملكه بالعقد الأول بالثمن الذي قامت به السلعة وزيادة ربح معلوم يتفقان عليه .
ومن شروط المرابحة ما يلي :
- أن يكون ثمن السلعة معلوما؛
- أن يكون الربح معلوما للبائع والمشتري؛
- أن يكون المبيع عرضا فلا يصح بيع النقود مرابحة؛
- أن يكون الثمن مثليا كالدينار وغيرها من العملات؛
- أن يلزم البائع ببيان ما أنفقه على البيع زيادة على الثمن؛
- أن يكون العقد الأول صحيحا. فلو كان فاسدا لم تجز، لأنها بيع بالثمن الأول مع زيادة ربح.
ويمكن أن نجد لدى البنوك الإسلامية عدة صور لهذا النوع من التمويل منها، أن يقوم البنك ببيع ما سبق أن اشتراه من السلع بثمنه الأصلي مع زيادة ربح عليه. ويدعى هذا الشكل بالاتجار المباشر أو أن يبيع المرابحة لأمر بالشراء حيث يتقدم العميل الراغب في الشراء إلى البنك الإسلامي طالبا منه شراء سلعة معينة ويحدد أوصافها وكميتها ويعد البنك بشرائها منه بعد تحديد نسبة الربح الذي يتفق أن يدفعه إلى البنك.
4) بيع السلم: ويسمى بيع السلف وهو عبارة عن بيع شيء موصوف في الذمة بثمن معجل. وهو بيع غائب تدعو إليه ضرورة المتبايعين. فصاحب رأس المال يحتاج أن يشتري السلعة وصاحب السلعة يحتاج إلى ثمنها مقدما لينفقه على سلعته حتى يصنعها. وثبتت مشروعية السلم بالكتاب والسنة والإجماع حيث قال بن العباس (ض):" أشهد أن السلف المضمون قد أحله الله في كتابه وأذن فيه". ثم قرأ قوله تعالى:<< يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه>> سورة البقرة - الآية(282). وقال بن المنذر: " أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن السلم جائز" .
وشروط صحة البيع بالسلم ما يلي:
- أن يكون رأس المال معلوما حتى إذا تعذر تسليم المسلم فيه، أمكن إرجاع قيمته؛
- أن يسلم رأس المال في مجلس العقد قبل الافتراق، فلو تفرقا قبل القبض انفسخ العقد؛
- أن يكون المسلم فيه مما يمكن تعريف أوصافه؛
- أن يجعل الأجل معلوما حسب الأشهر والأيام وليس بالحصاد أو قطف الثمار؛
- أن يذكر مكان التسليم حتى لا يثير ذلك نزاعا؛
- ألا يسلم شيء نادر الوجود؛
- ألا يسلم في طعام إذا كان رأس المال طعاما سواء أكان من جنسه أو لم يكن ، ولا يسلم في نقد إذا كان رأس المال نقدا حتى لا يكون هناك ربا؛
- لا يشترط أن تكون البضاعة المشتراة من إنتاج البائع؛
- إذا تعذر تسليم البضاعة لسبب أو لآخر ، ولم تصل البضاعة في موعدها المحدد، فللعميل الخيار بأن يصبر حتى ترد البضاعة أو يأخذ القيمة التي دفعها.
5) البيع بالأجل أو البيع بالتقسيط: إن من بين صيغ التمويل التي اعتمدتها البنوك الإسلامية في بيوعها، البيع مع تأجيل سداد الثمن إلى وقت محدد. وعادة ما يسدد الجزء من الثمن على دفعات أو أقساط. وتجيز كثير من النصوص البيع لأجل. فقد قال(ص): <<من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم>>.
وبيع الأجل، تسليم حاضر لسلعة وآجل لثمنها بشرط أن يخير البائع المشتري بين سعرين للسلعة، السعر الحاضر والسعر الآجل .
هذا بالإضافة إلى الأنواع الأخرى، كالمزاعة التي تعني دفع الأرض إلى عامل يزرعها لقاء حصة شائعة معلومة من الزرع. وعقد الاستصناع الذي يعني التعاقد على شراء ما يصنعه الصانع. وهناك من يضيف آليات أخرى كالإجارة والاعتماد المستندي وخطابات الضمان...الخ.

caesar souf
Admin

المساهمات : 5
تاريخ التسجيل : 20/12/2015

https://emepge.banouta.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

بحث حول "دور التمويل الاسلامي في التنمية الاقتصادية Empty رد: بحث حول "دور التمويل الاسلامي في التنمية الاقتصادية

مُساهمة من طرف caesar souf الإثنين ديسمبر 21, 2015 9:41 am


المبحث الثالث : دور التمويل الاسلامي في التنمية الاقتصادية

المطلب الأول: مفهوم التنمية من منظور اسلامي:
لقد أصبح مفهوم التنمية عنوانا للكثير من السياسات والخطط، والأعمال على مختلف الأصعدة، كما أصبح هذا المصطلح مثقلا بالكثير من المعاني والتعميمات، وإن كان يقتصر في غالب الأحيان على الجانب الاقتصادي، ويرتبط إلى حد كبير بالعمل على زيادة الانتاج الذي يؤدي بدوره إلى زيادة الاستهلاك لدرجة أصبحت معها حضارات الأمم تقاس بمستوى دخل الفرد، ومدى استهلاكه السنوي للمواد الغذائية والسكنية بعيدا عن تنمية خصائصه ومزاياه، واسهاماته الانسانية واعداده لأداء الدور المنوط به في الحياة، وتحقيق الأهداف التي خلق من أجلها.
فالتنمية في حقيقتها عملية حضارية، كونها تشمل مختلف أوجه النشاط في المجتمع بما يحقق رفاهية الانسان وكرامته، وهي أيضا بناء الانسان وتحريره، وتطوير كفاءاته وإطلاق لقدراته، كما أنها اكتشاف لموارد المجتمع وتنميتها وحسن تسخيرها .
أما في الكتابات الإسلامية فلفظ التنمية لم يكن شائعا، إلا أن المعنى قد استخدم كثيرا وبأوجه مختلفة منها: العمارة، والتمكين والنماء، والتثمير، وقد ورد بعض هذه الألفاظ ومترادفاتها في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وظهرت بوضوح في كتابات الأئمة والعلماء وخطبهم في عصور الإسلام المبكرة والوسيطة .
فقد عرفت التنمية في الإسلام بأنها "العمارة" وهذا اللفظ له معنى أوسع من مفهوم التنمية في الاقتصاد الوضعي، انطلاقا من قوله تعالى:» هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب«  (هود الآية 61)، وفي معنى الآية (استعمركم) أي جعلكم عمارها، وسكانها وأمركم بعمارة ما تحتاجونه من مساكن وأشجار ، وغيره من الحرث والغرس.
ولفظ العمارة عامة تشمل كافة مجالات الحياة، وكل ما فيه من مصلحة للفرد والأمة، لأن العمارة تدل على جوانب التنمية المادية، وإن كان يشملها بكل مقوماتها كل استخدام ابن خلدون لفظ العمارة بمعناها الواسع في مقدمته، فذكر فيها أن الاجتماع للإنسان ضروري نظرا لتعدد حاجاته، أي أن الإنسان هو أصل التنمية .
كما أن التنمية في الإسلام تعني الحياة الطيبة للإنسان، حيث قال تعالى» من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مِمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون« (النحل الآية 97). إلى غير ذلك من المعاني الاسلامية المعالجة لموضوع التنمية في العديد من الآيات القرآنية وحى الأحاديث النبوية الشريفة، وبالتالي فإن الاسلام يهتم بعمق مشكلة التنمية الاقتصادية، ولكن يعالجها في إطار التنمية البشرية، لأن الهدف الأساسي للإسلام هو هداية الناس نحو الطريق الصحيح والمستقيم، وتحقيق العدل للبشرية جمعاء.

يمكن تحديد المفهوم الاسلامي للتنمية في العناصر الآتية :
- المفهوم الاسلامي للتنمية له خصائص الشمولية والتوازن، بحيث يشمل على الجوانب المادية، والنفسية معا، ويلبي حاجة الفرد من والجماعة في تناسق وتناغم تامين؛
- الجهد التنموي يهتم بالإنسان، وهذا يعني أن التنمية موجهة للإنسان ولترقية حياته المادية والاجتماعية والثقافية وحتى البيئية المحيطة به؛
- عملية التنمية في المفهوم الاسلامي هي نشاط متعدد الأبعاد، ولا يقتصر على جانب دون الآخر، والاسلام يسعى إلى إحداث التوازن في الحياة بين العوامل والقوى المختلفة؛
- الاسلام يحاول إعادة التوازن بين المتغيرات الكمية والنوعية، وهذا ما تسعى إليه التنمية الاقتصادية في إطارها التطبيقي؛
- الاستخدام الأمثل للموارد، وتحقيق التوازن العادل للدخول والثروات.
وبذلك تصبح التنمية في المفهوم الإسلامي تنمية الأفراد والمجتمعات ماديا، وروحيا، وأخلاقيا، واقتصاديا، وهذا يحقق الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع.  

أي أن المفهوم الاسلامي للتنمية يرفع من شأن النفس الانسانية ويضعها موضع التكريم، الأمر الذي يمكن الانسان من أداء دوره الاستخلافي في تعمير الأرض وتحقيق العبودية الخالصة لله عز وجل، وبالتالي فالإسلام يهتم بعمق مشكلة التنمية ويعالجها في إطار التنمية البشرية، كون الهدف الأساسي للإسلام هو هداية الانسان نحو الطريق المستقيم.
وبذلك تصبح التنمية في المفهوم الاسلامي تنمية للأفراد والمجتمعات ماديا وروحيا واخلاقيا، مما يقود إلى تعظيم الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية، بما يصلح كأساس علمي للتنمية في جميع دول العالم المتقدم منها والمتأخر، الصناعي والنامي معا، وذلك من خلال :
• زيادة انتاج السلع النافعة وتوسيع توزيعها: بما يكفل تلبية الحاجات الأساسية لجميع أفراد المجتمع ويقيم حياتهم على التكريم؛
• توسيع مدى الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية: وكفالة حريات الإنسان الأساسية والقيم المعنوية العالية والدينية النبيلة، بما يساهم في تقدير الذات؛
• تحسين نوعية الحياة: من خلال التعليم الجيد والعناية الصحية والتوزيع العادل للثروة والدخول، واقامة نظام للأمن الاجتماعي والاهتمام بالثقافة، واقامة علاقات إنسانية على أساس العدل والسلم والمساواة، ورعاية الحقوق الأساسية واتاحة الفرصة للمشاركة والتداول السلمي للسلطة، والتحرر من العبودية للغير والاعتماد عليهم، إضافة إلى التحرر من أسر الجهل والفقر والمرض.

المطلب الثاني: كيف تحقق المصارف الإسلامية التنمية

المتوقع من طبيعة العمل المصرفي الإسلامي مساهمة فعالة في مجال التنمية من خلال التأثيرات التالية:

أ - المصارف الإسلامية أداة رئيسية لتوسيع قاعدة الادخار الوطني، وخصوصًا الجزء الذي لا تطاله المصارف الإسلامية لأسباب دينية. فعلاوة على كون نسبة كبيرة من المسلمين من الشعوب الإسلامية لا يتعامل أصلاً مع المصارف لأسباب مختلفة، منها بلا شك الأمية؛ مما يترك أرضية خصبة قابلة للاستغلال.. نجد كذلك أن بعض الناس يرفضون مبدئيًا التعامل مع المصارف الربوية.
ب - المصارف الإسلامية أداة كذلك لتوسيع قاعدة الاستثمار لنفس السبب؛ فقد دلت دراسة قام بها مكتب البحث (المجموعة الدولية للمال والأعمال IBF) في الغرب حديثًا أن 6% من أصحاب مؤسسات المقاولات يرفضون القروض الربوية رغم حاجتهم لها. وأنهم مستعدون لاستخدام التمويلات المبنية على المشاركة. وقد ساهمت أسلمة المصارف في بعض الدول الإسلامية في تحريك الادخار الاستثماري. ففي السودان مثلاً: تضاعفت الودائع الاستثمارية 20 مرة فيما بين غضون خمس سنوات من بدء تطبيق التجربة، في الوقت الذي ارتفعت فيه الودائع تحت الطلب بشكل بطيء.
ج– المصارف الإسلامية تساهم مبدئيا في مقاومة التضخم، وبالتالي في استقرار الاقتصاد الذي يعتبر أساس التنمية؛ ذلك أن نمو الكتلة النقدية في الاقتصاد القومي الذي يمكن أن يتحول إلى تضخم مرتبط في نظام التمويل بالمشاركة بنسبة الأرباح من الودائع الاستثمارية، وليس مرتبطا بنسبة الفوائد المترتبة على القروض؛ أي هو مرتبط بالإنتاج الحقيقي وليس بإنتاج الأموال عن طريق الفوائد المصرفية. وهذا ما جعل الخبراء الأجانب ومنهم خبراء المصرف الدولي يعترفون بطابع الاستقرار المميز للنظام المالي الإسلامي. هذا بالإضافة إلى أن الخسائر المحتملة المترتبة على الإنتاج في النظم الربوية تتحول إلى فوائد مصرفية، وهي إضافة يتحملها المستهلك عن طريق رفع الأسعار، بينما توزع في النظام المصرفي الإسلامي بين 3 أطراف مساهمة، وهي: المستثمر والمصرف والمودع.
د - خصوصية المصارف الإسلامية تظهر كذلك من خلال إمكانيات التمويل التي تغطيها عادة المصارف التجارية، خاصة في المجالات التي تحمل طابع المخاطرة مثل تمويل المشاريع الفلاحية.

والمؤسسات المالية الإسلامية في مصر تنشط كثيرا في هذا القطاع، وقطاع الصناعة التقليدية بالإضافة إلى القطاعات المختلفة الأخرى.
وهكذا نجد مثلاً مصرف فيصل الإسلامي السوداني، إضافة إلى تمويل قطاعات الصناعة والفلاحة والصناعة التقليدية يساهم كذلك في تمويل قطاعي النقل والتجارة الخارجية.

كما نجد قابلية المصارف الإسلامية لتمويل القروض الصغيرة التي اكتشف دورها في مقاومة الفقر والبطالة ومقاومة الهجرة العشوائية إلى المدن الكبيرة والتي لا يتوفر لأصحابها ضمانات كافية للحصول عليها من المصارف التجارية. وقد تكون البديل العملي للقروض الصغيرة الربوية التي تقوم بها المؤسسات المالية الربوية المختصة، خاصة المؤسسات الدولية.
هـ - الدور التنموي للمصارف الإسلامية يظهر كذلك من خلال الخدمات الاجتماعية المتعددة التي تقوم بها هذه المؤسسات، والتي يمكن تصنيفها إلى ما يلي:
 خدمات اجتماعية مجانية في شكل: قروض حسنة، ومساعدات خيرية، ممولة من زكاة المصارف نفسها، أو من تخصيصها لأوقاف مالية في وجه من وجوه الخير.
 خدمات اجتماعية ذات طابع اقتصادي عندما يكون مصدرها صناديق مالية مهمة تقتضي توظيف هذه الأموال في مشاريع لها مردودية اقتصادية.
وبذلك تساهم المصارف الإسلامية، وهي من المؤسسات المالية القلائل المؤهلة لذلك، في جباية الزكاة وتوظيف أموالها.

المطلب الثالث: دور المصارف الإسلامية في التنمية و مواجهة الأزمة المالية:
تلتقي المصارف الإسلامية مع غيرها في تقديم الخدمات الاستثمارية المتوسطة المدى بصورة خاصة ولذلك فان المصارف الإسلامية يمكنها أن تشجع أفراد المجتمع على الادخار بل العمل على زيادة المدخرات لكي يتم تدويرها في أقنية استثمارية متنوعة، مما يعزز كذلك تحسين ميزان المدفوعات، أو استخدامها في حالة توفرها كاحتياطات (حرة) في تغطية المديونية العامة، هذا ويعتبر الاستثمار وأدواته المتجددة بالنسبة للمصارف الإسلامية مسألة حتمية يتوقف عليها استمراريتها بنجاح، فالاستثمار هو بمثابة العمود الفقري لها، ويبرز دور المصرف الإسلامي في الاستثمار في حالات ثلاث : إدارة المصرف كمستثمر مباشر، أو مشاركاً في مشروعات  ذات جدوى، أو وسيطاً بين أصحاب المال (المودعين) والمستثمرين (المضاربين) الآخرين، وتكتمل وظائف المصارف الإسلامية في التوجه التنموي الشامل الذي يأخذ بعين الاعتبار مقاصد الشريعة الإسلامية في وضع أولويات من الضروريات والحاجات والكماليات، وذلك للمحافظة أيضاً على ثروات المجتمع وتكافله لبلوغ المستوى الأمثل وفي هذا لا تشمل الاستثمارات التنموية مشروعات البنية الأساسية بما تقتضيه المصلحة العامة فحسب، بل يستهدف المصرف الإسلامي تحقيق عدد من الأهداف من بينها  تثبيت ذهنية دراسات الجدوى الاقتصادية تحاشياً لحالات الفشل أو الخسارة، وتحفيز الإنتاجية مع ترشيد الاستهلاك، ونشر الوعي الادخاري  عن المصارف الإسلامية، واحترام العمل (الكسب الحلال) باعتباره عبادة، وإرساء قواعد مجتمع العدل والتكافل. وبالنسبة لعالمية النشاط الاقتصادي الإسلامي عبر الحدود فإن تطبيق مبدأ صلاحيته في كل زمان ومكان يؤخذ عملياً بمراعاة المرونة حسب حاجات كل مجتمع وظروفه بما لا يتعارض والأحكام الشرعية، وعليه فان تكيف المؤسسات المصرفية الإسلامية مع أنواع المجتمعات التي تخدمها وأيضاً انتشار تلك المصارف والمؤسسات الاستثمارية الإسلامية في مجتمعات غير إسلامية سوف يكسبها صفة عالمية ذات معايير مقبولة في المجتمع الدولي المعاصر .
وأشار النوري  إلى أن هناك دراسة  قام بها بنك Lloyds TSB (لويدز تي إس بي) البريطاني وبين أن ثلاثة أرباع المسلمين في بريطانيا يرغبون في التمويل الإسلامي, وتوقعت أن يبلغ حجم التمويل الإسلامي نحو تريليون دولار بحلول 2010 مقارنة بـ500 مليار دولار حالياً، وتجدر الملاحظة في هذا الصدد  أن الاهتمام الأوروبي بالتمويل الإسلامي ليس محصورا بالمسلمين فقط حيث سجلت إصدارات الصكوك مثلا قفزة هائلة في الفترة الأخيرة مع دخول المزيد من المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية لهذا المجال الاستثماري وحققت نموا هائلا بلغ نسبة 75% وصولا إلى 85 مليار دولار على شكل إصدارات جديدة جارية، واستقطبت سوق الصكوك اهتماما واسعا من البنوك الأوروبية وصناديق التأمين والتقاعد اعتقادا منها بأن قوة اقتصاديات منطقة الخليج يساعد على إصدار العديد من الصكوك توفر عوائد جيدة مدعومة بالعوائد النفطية الكبيرة ومشاريع البنية التحتية الضخمة، وكان بنك جيتهاوس (Gatehouse Bank) قد أعلن قيامه ببرنامج لإصدار صكوك إسلامية بقيمة 1 مليار دولار بداية العام الجاري في أول خطوة للتعامل بالصكوك الإسلامية ببريطانيا.
كما أشار النوري إلى أن هناك دراسة ثانية بعنوان التمويل الإسلامي أكدت أن المصارف الإسلامية العاملة ببريطانيا لم تتأثر بالأزمة المالية الراهنة رغم استمرار أسعار أسهم العديد من البنوك في المملكة المتحدة في التراجع في غمار كساد متزايد وأنها نجت فيما يبدو من هذا الإعصار المالي وأكدت أن الاضطراب وعدم الثقة في نظام المصارف التقليدية دفعا البعض من غير المسلمين إلى التفكير في خيار المصارف الإسلامية، ويعتبرونها أكثر أماناً بدرجة كبيرة من المصارف التقليدية  وينظر إليها على أنها لا تواجه خطر خفض حجم الأصول وعمليات التأميم وما إلى ذلك وبذلك يتجه المزيد من الناس إلى نقل أعمالهم إليها.
وحسب ما تشير إليه التقارير السنوية الصادرة عن المصارف الإسلامية الأربعة في اليمن وأيضا تطورات الميزانية المجمعة للبنوك الصادر عن البنك المركزي ومدى مساهمتها في عملية التنمية فانه يظهر بان تلك المصارف قد ساهمت بشكل كبير في عملية التنمية

1- بنك التضامن الإسلامي :

     يعتبر بنك التضامن الإسلامي الدولي اكبر بنك في اليمن على الإطلاق بناء على المؤشرات المالية المتحققة على العام 2008 ورسملته السوقية للنصف الأول من العام الجاري 2009م   حيث أن البنك تمكن تعزيز أمواله الخاصة بنسبة تفوق 57 % ليحتل البيانات المالية للمصارف العربية للسنوات 2007ـ 2008م وكشفت البيانات أن بنك التضامن الإسلامي الدولي تقدم 11 مراتب ضمن قائمة ترتيب أول 150 مصرفا عربيا، منوهة أن بنك التضامن الإسلامي الدولي هو البنك الوحيد الذي دخل هذا التصنيف من بين جميع البنوك العاملة في السوق المصرفي اليمني حيث بلغت موجودات البنك 1387 مليون دولار ونمت قيمة حقوق المساهمين بنسبة 58.57% لتصل إلى 131 ألف دولار وحقق أرباحا بمقدار 9،254 مليون دولار ويقول التحليل أن بنك التضامن قفز إلى المرتبة 119 ضمن قائمة الموجودات لهذه المصارف وفى المرتبة 120 في قائمة العائد على متوسط ا لموجودات  

       وحسب ما ورد في التقرير السنوي للبنك المركزي اليمني عن بنك التضامن الإسلامي  الذي يشير إلى أن هذا البنك قد تصدر  النشاط المصرفي في اليمن كأكبر بنك على الإطلاق للمرة الرابعة على التوالي متجاوزاً جميع البنوك العاملة في اليمن والتي تمثل 16 بنكا ً، وذلك في إجمالي الأصول والودائع بالعملتين المحلية والأجنبية،وإجمالي التمويلات ورأس المال وحقوق الملكية.
وجاء في التقرير السنوي للبنك المركزي اليمني عن التطورات المصرفية في اليمن لعام 2009م، أن بنك التضامن الإسلامي الدولي قاد حركة النشاط المصرفي في اليمن خلال العام الماضي باستحواذه على20.4% من إجمالي نشاط البنوك العاملة في اليمن.
وأكد أن إجمالي أصول بنك التضامن الإسلامي الدولي ارتفعت بمقدار 50 مليار ريال خلال عام واحد حيث تجاوزت 333.900 مليار ريال وبنمو بلغ 17.6%
وذكر التقرير أن أرصدة الودائع لدى بنك التضامن الإسلامي الدولي هي الأكبر بين البنوك العاملة في اليمن في كل من العملة المحلية والأجنبية وفيما يتعلق بالعملة المحلية فيبدو أن البنك اجتذب خلال العام الماضي 2009 أكبر زيادة في الودائع بالريال بمبلغ 25.616 مليار ريال لتتجاوز بذلك أرصدة الودائع 143.899 مليار ريال. كما نم رصيد ودائع البنك بالعملة الأجنبية وهو الأعلى بين البنوك بمعدل 15.6% ليصل إلى 125.166 مليار ريال ، وحدد التقرير أن بنك التضامن الإسلامي الدولي أسهَمَ بنسبة 20.38% في القروض والتمويلات المقدمة من البنوك العاملة للقطاعات الاقتصادية المختلفة وبلغت حجم تمويلاته 83.858 مليار ريال.
وبالرجوع إلى التقرير السنوي لبنك التضامن الإسلامي الدولي  فانه يلاحظ  بان مساهمته في عملية التنمية تتمثل في تمويل عمليات المرابحة المحلية ( بالصافي )  التي ارتفعت من 43613.9 مليون ريال في العام 2005 إلى 59270.1 مليون ريال في العام 2006 ، بينما تمويل عمليات المرابحة الخارجية ارتفعت من 2181مليون ريال في العام 2005 إلى 5911.9 مليون ريال في العام 2006، وتبلغ قيمة تمويل عمليات المرابحة غير المنتطمة بنحو 2433.8 مليون ريال في العام 2006 ، في حين أن قيمة التمويل في العام 2005 كانت 1785.1 مليون ريال، كما ارتفعت مساهمة تمويل عمليات الاستصناع من 4117.7 مليون ريال في العام 2005 إلى 4378.96 مليون ريال في العام 2006 ، وفيما يتعلق باستثمارات عقود المضاربة ( بالصافي ) فإنها قد ارتفعت من 17760.2 مليون ريال في العام 2005 إلى 23372.8 مليون ريال في العام 2006، كما أن بنك التضامن الإسلامي قد استثمر في عقود المشاركة الخارجية والمحلية حيث ارتفع ذلك من 1367.1 مليون ريال في العام 2005 إلى 1562.1 مليون ريال في العام 2006، كما كان لهذا البنك المساهمة في الاستثمارات العقارية والتي ارتفعت من 2137.9 مليون ريال في العام 2005 الى4595.8  مليون ريال في العام 2006 .
2- بنك سبأ الإسلامي:
     يساهم بنك سبأ الإسلامي في عملية التنمية من خلال التمويل الذي يقدمه البنك للمدن السكنية حيث أن توجهات البنك لحل مشكلة الإسكان في الجمهورية اليمنية، ولذلك فقد اعتبر ذلك واحدا من احدث المبادرات التي يطلقها بنك سبأ الإسلامي وذلك من اجل التيسير على المواطنين في اقتناء منزل بهدف تحقيق الاستقرار العائلي وقد استهدف المشروع السكني موظفو القطاع الخاص وأصحاب المهن الحرة والمغتربين اليمنيين في كافة أنحاء العالم ونظرا لذلك فان المشروع السكني موزع في غرب حدة وفي شارع الخمسين وفي أمانة العاصمة وقد تميز بما يلي :

1- التمويل بصيغة الإيجار المنتهية بالتمليك وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
2- لا يحتاج طالب التمويل إلى تقديم ضمانات أخرى، فالضمانة هي الوحدة السكنية.
3- نسبة الربح التي يستوفيها البنك على هذه التمويلات متميزة عن البنوك الأخرى.
4- فترة سداد التمويل مريحة نسبيا بالمقارنة بفترات السداد الممنوحة في اليمن.
5- في حال النقد يستوفي البنك دفعة مقدمة عند الحجز بنسبة 25% وأثناء فترة التنفيذ وبحد أقصى عند استلام الشقة أو استكمالها وتشطيبها 75%، أما في حال التقسيط عن طريق الايجارة المنتهية بالتمليك فيستوفي البنك دفعة مقدمة عند الحجز بنسبة 15% وإثناء فترة التنفيذ 10% وعند استلام الشقة 75%.
كما أن بنك سبأ الاسلامي له إسهامات عديدة، ويقدم خدمات تتمثل فيما يلي:
• فتح الحسابات بأنواعها المختلفة ( وديعة استثمارية مطلقة –وديعة ادخار استثماري – ادخار شخصي- حساب جاري ).
• إرسال واستقبال الحوالات بأنواعها (داخلية وخارجية) إلى كل إنحاء العالم.
• شراء وبيع واستبدال العملات الأجنبية.
• تمويلات استثمارية (مرابحة-مشاركة) وفقاً لإحكام الشريعة الإسلامية.
• صناديق الحفظ الأمن للمجوهرات والمستندات الهامة.
• زيارة واحدة منك تحقق لكِ الأمان لمدخراتك.

3- البنك الإسلامي اليمني للتمويل والاستثمار:
       يسعى البنك بشكل مستمر لإيجاد صيغ استثمارية ملائمة لعملائه الكرام بمختلف شرائحهم وتطلعاتهم ولتحقيق ذلك يقدم البنك بين فترة وأخرى صيغة حديثة من صيغ الاستثمار والتمويل , ينوع من خلالها أدواته , ويتيح الفرص أمام شرائح جديدة لاستثمار أموالها السيولة المتوفرة لديها، ووفق أحكام وتعاليم شريعتنا الإسلامية، ويقدم البنك حاليا من خلال إدارة الاستثمار المحلي العديد من المنتجات والخدمة التمويلية التي تخدم بشكل مباشر جميع العملاء وتيسير حصولهم على احتياجاتهم المتنوعة من السلع والخدمات عبر شبكة الفروع المنتشرة في جميع المحافظات اليمنية وفق الصيغ الاستثمارية التالية: حساب التوفير الاستثماري، وحساب الودائع، وحساب الاستثمار المخصص.
     ولذلك فان هذا البنك قد ساهم في تمويل عملية المرابحة بالصافي حيث ارتفعت من
0 601208 ألف ريال في العام 2006 إلى 8329771 ألف ريال في العام 2007، وأيضا يظهر بان البنك قد ساهم في  استثمار عقود المشاركة بالصافي حيث ارتفعت من 104801 ألف ريال في العام 2006 إلى 105365 ألف ريال في العام 2007 كما أن الاستثمارات في عقود المضاربة بالصافي قد انخفضت من 491429 ألف ريال في العام 2006 إلى 144811 ألف ريال في العام 2007 وأما كل من الاستثمارات المالية المتاحة للبيع والاستثمارات العقارية فقد ارتفعتا من 190543 و 280092 ألف ريال في العام 2006 على التوالي إلى 193913 و 281483 ألف ريال في العام  2007.

           ونظرا لما يعانية البنك اليمني الإسلامي للتمويل والاستثمار من بعض الصعوبات فانه لم يستطيع أن يلبي متطلبات البنك المركزي الواردة بقرار مجلس إدارته رقم 12 للعام 2004 بشأن زيادة رأس المال ليصبح 4100 مليون ريال يمني كحد ادني في 31 ديسمبر 2007 وأيضا يعاني البنك اليمني الإسلامي من عجز بالمخصصات يزيد عن نصف رأس مال البنك فان الأمر يتطلب دعوة الجمعية العامة غير العادية للنظر في استمرارية البنك وذلك بناء على حكم المادة رقم 82 من النظام الأساسي .

4- مصرف اليمن البحرين الشامل(ش م ي )
على الرغم من حداثة مصرف اليمن البحرين الشامل في اليمن الا انه يسهم في عملية التنمية من خلال ما يقدمة من تمويل عمليات المرابحة بالصافي والذي ارتفع من 6904158 الف ريال في العام 2007 الى 9090995 الف ريال في العام 2008 وفيما يتعلق بالاستثمارات في عقود المشاركة بالصافي فقد انخفضت من 857954 الف ريال في العام 2007 الى 754934 الف ريال في العام 2008 ، كما ان استثمارات عقود المضاربة بالصافي قد انخفضت من 19800 الف ريال في العام 2007 الى 9900 الف ريال في العام 2008 ، وفيما يتعلق بالاستثمارات المالية المتاحة للبيع فقد 336418 الف ريال في العام 2007 الى 335942 الف ريال في العام  2008.

دور البنوك الإسلامية في مواجهة الأزمة المالية 19  
تنمو أصول المصرفية الإسلامية في العالم بمعدلات مذهلة تصل إلى 30 ٪ سنويا حتى أخذ حجمها يتجه نحو تريليون دولار مدعوما بتنامي الوعي المصرفي في العالم النامي، وتزايد وتيرة رغبة جماهير المسلمين في إتباع الأصول القيمية في المعاملات، مع استمرار انخفاض الثقة في المؤسسات المالية الغربية التي تفاقمت بظهور الأزمة المالية العالمية عام 2008. وقد أعطت هذه الأزمة فرصة كبرى لاختبار نجاح وجدوى البنوك الإسلامية من ناحية الثقة في متانتها ومقدرتها على تقديم بدائل ائتمانية ونقدية وتنموية، وهذا الاختبار يحتاج إلى تجويد المعاملات المصرفية الإسلامية وضبط جودتها، وأيضا بيان قدرتها النوعية على التعاطي مع عالم المنافسة المالية العالمية الشديدة الذي بات يفرض نفسه.
وعلى الرغم من أن التطبيقات التجارية للمصرف الإسلامي في معظمها لم تتخط في جوهرها الأدوات المالية الغربية، أي أنها بقيت أسيرة لبعض هياكل العمل المصرفي الغربي والقيام بأسلمة هذه المنتجات، أو بإنتاج الجديد منها ولو بالشراكة مع مؤسسات مصرفية إسلامية غربية. حيث أن ما وصلت إليه المصرفية الإسلامية خلال الثلاثين عاما التي كان نصفها نقاشات فكرية وتأصيلات شرعية والبقية الباقية عمل تنفيذي وبناء مؤسسات بدأت صغيرة وأصبحت اليوم كبيرة ومنافسة. وبسبب هذا الحضور وهذه المنافسة لا يجد البعض إلا النيل من منتجاتها بالقول إنها هزيلة في جوهرها، وهو ما استطاعت السوق المصرفية الإسلامية أن تعمله وتنجزه بعيدا عن أي رقابة أو تنظيم حكومي.
لقد نجحت البنوك الإسلامية إلى حد ما في تفادي إعصار الأزمة المالية في أبعاد أهمها: أنها لم تتلق ضربات عملت على إسقاط بنوكها وانهيار مؤسساتها كما حدث لنظيراتها في البنوك الغربية التقليدية، ويعود هذا الفضل لمحافظتها البالغة وإعراضها عن الأخذ بالمخاطر الكبيرة والسيولة العالية التي تتمتع بها وانخفاض نسبة الديون إلى إجمالي المطلوبات.
ولولا نجاح البنوك الإسلامية في امتحان الأزمة المالية العالمية لما كان هذا الاهتمام العالمي بها وتطويع التشريعات من أجلها، وبحث العالم عن حلول ومخارج لمشكلاته، إلا أن البنوك الإسلامية على الرغم من هذا التواجد المشرف والاهتمام، يرى البعض طبعا أنها لم تستطع تقديم نفسها بأصالة، بأن تضع أي خيارات بديلة ومتكاملة كصناعة، وذلك وحسب رؤيتهم لأنها لا تمتلك الأصالة والمتانة الكافية، وإنما هي في معظم حالاتها ليست إلا تقليد ومع شيء من التحوير البسيط للمنتجات المالية الغربية، وقد خرجت البنوك الإسلامية من الأزمة المالية العالمية وهي لم تزدد من الثقة فيها، بل لم تزل تتعرض لهجوم شديد من مناصريها من رواد الفكر الاقتصادي الإسلامي ومن محاربيها دعاة العولمة الاقتصادية الليبرالية بالنظر إلى اتجاهها إلى الشكلية وبعدها عن الأصالة وخدمة المجتمع والتنمية، ومن ناحية استغلاها لعواطف الجماهير وتسخيرها لأغراضها التجارية، كما أن المصرفية الإسلامية لا تقدم دعما مناسبا للتطوير والبحوث لأهداف تطوير منتجاتها ومؤسساتها.
لقد نجحت المصرفية الإسلامية في أعوام قليلة، وبكثير من العقوق، والتمنيات بالفشل، نجحت لأنها في مقاصدها العامة تهدف إلى خير المجتمع، ولأن القائمين عليها ليسوا تجارا كما يرى البعض وليس أنها تستعمل الإسلام استعمالا لخدمة مصالحها، فهذه الرؤى عقيمة وقاصرة ومسطحة لا يمكن الركون إليها، وكل ما ترغب فيه المصرفية الإسلامية وما ننشده لمستقبلها أن تأخذ هذه المصارف والمجتمع ممثلا بمؤسساته العامة قدرا أكثر من الجدية والمبادرة نحو رعايتها وبما لها من مكانة وأصالة وخدمة المقاصد العليا للمجتمع الإسلامي للعمل على تطويره وتنميته، فثمة تجارب ماثلة للعيان على جودة الأداء المصرفي الإسلامي ومقاصده الشرعية.
الصعوبات التي تواجه البنوك الاسلامية في سياستها النقدية:
من خلال تطور النشاط الحديث فالسياسة النقدية للبنوك الاسلامية تعترضها العديد من الصعوبات، والتي من أهمها :
أ‌- الصعوبات القانونية:
نتيجة سيادة النظام المصرفي التقليدي الربوي وانتشاره بشكل واسع في شتى انحاء العالم بما فيها الدول العربية والاسلامية، الامر الذي أدى إلى صدور القوانين المنظمة للعمل المصرفي بناء على هذا النظام غير الشرعي، والبنوك الاسلامية تعمل في ظل هذه القوانين الأمر الذي يضعها أمام تناقضات كبيرة في طبيعة عملها ويحد من مساهمتها في توسيع العمليات الاستثمارية بشكل عام.
ب‌- عدم وجود مقرض أخير للبنوك الإسلامية:
يقوم البنك المركزي بالعديد من الوظائف في الجهاز المصرفي، حيث يعد الملجأ الأخير بالنسبة للبنوك التجارية في ظل تعرضها لعسر مالي، حيث تقدم هذه الخدمة من قبل البنك المركزي مقابل سعر فائدة محدد، والبنوك الاسلامية لا تتعامل بالفائدة الربوية مما يحرمها الاستفادة من هذه الخدمات الأمر الذي يحد من نشاط البنوك الاسلامية ويجعلها تحتفظ بالسيولة الزائدة لمواجهة أي طارئ.
ج‌- نقص المعلومات:
تعتبر المعلومات الكافية عن معطيات السوق النقدية بشكل خاص والسوق المالية بشكل عام من أهم أسباب نجاح العمل المصرفي، والمعلومات والبيانات القليلة وغير متوفرة بالنسبة للعمل المصرفي والإسلامي، على عكس العمل المصرفي التقليدي مما يحد من نشاط وتوسع العمل المصرفي الإسلامي.
د‌- ضعف الجهاز المصرفي الإسلامي:
إن عدم وجود شبكة للجهاز المصرفي الذي ينسجم مع طبيعة عمل البنوك الإسلامية الامر الذي وضع هذه الأخيرة أمام العديد من التحديات منها: الجانب الشرعي لانتشار هذه البنوك وتوسع نشاطها، تكوين اليد العاملة في جانب المعاملات النقدية والمالية الإسلامية، وكل هذا يتطلب العديد من البرامج، ودراسات الجدوى، والعقود والبيوع،.....الخ.
ه‌- نقص الوعي والثقافة المصرفية:
بما أن الشعوب الاسلامية وغيرها من مارست النشاط المصرفي التقليدي( الربوي) لعقود عديدة، مما ساعد على غياب الثقافة الشرعية في المعاملات المصرفية الإسلامية، وضعفها إن وجدت، الأمر الذي يدفع البنوك الإسلامية بذل المزيد من الجهود في مجال نشر الوعي والثقافة المصرفية الإسلامية في مجالات الاستثمار والخدمات وغيرها، وهذه تعد صعوبة بالنسبة للعمل المصرفي الإسلامي.
خاتمة
وبالرغم من المكانة الهامة التي يتبوأها الإقتصاد الاسلامي والتجربة الماليزية كنموذج إسلامي قادر على الصمود والمنافسة الخارجية، واعتباره نموذجا إسلاميا في التنمية يمكن للدول الإسلامية أن تحدو حدوه، إلا أن هناك بعض الإنتقادات الموجهة لهذا الإقتصاد خاصة في مجال البنوك والصيرفة الإسلامية، فقد ذكر في هذا الشأن سليمان عبد الله ناصر على هامش مؤتمر المصرفية الإسلامية في اليمن أن الاعتراضات على تجربة البنوك الإسلامية في ماليزيا كثيرة أهمها وأكثرها شرعية وقليل منها تشغيلية، ومن الاعتراضات  الشرعية يذكر:
-  مسألة الموافقة الشرعية على إنشاء النوافذ الإسلامية، حيث أن البعض يقر بأنه لا يجوز إنجاز نوافذ إسلامية في بنوك هي أصلا غير إسلامية، حيث إن البنوك التقليدية تعتبرها أسلوبا تسويقيا لجذب المسلمين في ماليزيا.
-  مسالة الموافقة الشرعية على وضع معايير يقال فيها إنه لا يجوز الإستثمار في مشروع ما ،حيث أن الماليزيين يقولون أنه إذا تم الإستثمار في مشروع نشاطه حلال بنسبة ثمانين في المائة على سبيل المثال فإنه يكون حلالا، شريطة أن يتم خصم العشرين في المائة من الأرباح والتبرع بها، والبعض الآخر يقول أنو لا يجوز بأي حال من الأحوال الإستثمار في أي مشروع إلا إذا كان نشاطه ورأس ماله حلال متوافق مع الشريعة الإسلامية مائة في المائة.
- بيع الدين وبيع العينة والمتاجرة بالصكوك وخلق مشتقات، هذه كميا مسائل مختلف عليها أصدر فيها كثير من العلماء تصاريح قوية بالتحفظ عليها ،آخرها تصريح تقي الدين عثماني الذي قال أن 85 % من  الصكوك لا تتوافق مع الشريعة.


















الخاتمة

وبالرغم من المكانة الهامة التي يتبوأها الإقتصاد الاسلامي والتجربة الماليزية كنموذج إسلامي قادر على الصمود والمنافسة الخارجية، واعتباره نموذجا إسلاميا في التنمية يمكن للدول الإسلامية أن تحدو حدوه، إلا أن هناك بعض الإنتقادات الموجهة لهذا الإقتصاد خاصة في مجال البنوك والصيرفة الإسلامية، فقد ذكر في هذا الشأن سليمان عبد الله ناصر على هامش مؤتمر المصرفية الإسلامية في اليمن أن الاعتراضات على تجربة البنوك الإسلامية في ماليزيا كثيرة أهمها وأكثرها شرعية وقليل منها تشغيلية، ومن الاعتراضات  الشرعية يذكر:
-  مسألة الموافقة الشرعية على إنشاء النوافذ الإسلامية، حيث أن البعض يقر بأنه لا يجوز إنجاز نوافذ إسلامية في بنوك هي أصلا غير إسلامية، حيث إن البنوك التقليدية تعتبرها أسلوبا تسويقيا لجذب المسلمين في ماليزيا.
-  مسالة الموافقة الشرعية على وضع معايير يقال فيها إنه لا يجوز الإستثمار في مشروع ما ،حيث أن الماليزيين يقولون أنه إذا تم الإستثمار في مشروع نشاطه حلال بنسبة ثمانين في المائة على سبيل المثال فإنه يكون حلالا، شريطة أن يتم خصم العشرين في المائة من الأرباح والتبرع بها، والبعض الآخر يقول أنو لا يجوز بأي حال من الأحوال الإستثمار في أي مشروع إلا إذا كان نشاطه ورأس ماله حلال متوافق مع الشريعة الإسلامية مائة في المائة.
- بيع الدين وبيع العينة والمتاجرة بالصكوك وخلق مشتقات، هذه كميا مسائل مختلف عليها أصدر فيها كثير من العلماء تصاريح قوية بالتحفظ عليها ،آخرها تصريح تقي الدين عثماني الذي قال أن 85 % من  الصكوك لا تتوافق مع الشريعة.

قائمة المراجع

1) أ. لحـول عبـد القـادر، دور الصيرفة الإسلامية والسوق المالية الإسلامية في الحد من أثـر تدويل الخطر المالي على الأنظمة المالية العربية، الملتقى الدولي الأول حول: الاقتصاد الإسلامي الواقع ورهانات المستقبل   المركز الجامعي بغرداية يومي 23 و24 فيري 2011
2) الدكتور محمد يحيى الرفيق، أثر التمويل المصرفي الإسلامي على بعض المتغيرات الاقتصادية الكلية والتنمية في الجمهورية اليمنية " دراسة تحليلية قياسية "
3) عبد المجيد تيماوي، أ. شراف براهيمي، مداخلة بعنوان: دور مؤسسات التمويل اللاربوية في تحقيق التنمية الاقتصادية -عرض بعض التجارب-ملتقى دولي حول: سياسات التمويل وأثرها على الاقتصاديات والمؤسسات- دراسة حالة الجزائر والدول النامية يومي: 21 و22 نوفمبر 2006، جامعة محمد خيضر - بسكرة
4) محمد صالح الحناوي، السيدة عبد الفتاح عبد السلام ، المؤسسات المالية البورصة والبنوك التجارية، الدار الجامعية، الإبراهمية، مصر، 2001، ص.400.
5) عبد الرحمن يسري أحمد ، قضايا إسلامية معاصرة في النقود والبنوك والتمويل، الدار الجامعية ، الإسكندرية، مصر، 2003-2004، ص.273.
6) د. سليمة طبايبية، أ. حسين كشيتي، دور السياسات النقدية الإسلامية في تحقيق تنمية مستدامة، بحث مقدم للمشاركة في المؤتمر الدولي التاسع للإقتصاد والتمويل الإسلامي
7) مقال ضمن الموقع:  http://www.almasrifiah.com/2009/05/16/article_229733.html
Cool د. عمر الكتاني،  دور المصارف وشركات التمويل الإسلامية في التنمية، موسوعة الاقتصاد والتمويل الإسلامي
9) أحمد حسين أحمد المشهراوى، تقييم دور المصارف الإسلامية في التنمية الاقتصادية في فلسطين الرسالة استكمالاً لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في إدارة الأعمال، الجامعة الإسلامية – غزة، 2003

caesar souf
Admin

المساهمات : 5
تاريخ التسجيل : 20/12/2015

https://emepge.banouta.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى